مرة أخرى، في العلاقات الأردنية - السورية
مالك العثامنة
29-09-2009 05:21 PM
من المؤسف أن تخضع بعض التحليلات في العلاقات الدولية إلى مزاج شخصي لكاتب التحليل، يستعرض فيه بلاغته في مصفوفة المفردات التي يرتبها وينمقها للوصول إلى نتيجة تحقق رضاه وتشبع مزاجه، ويسعى لتحقيق ذلك الرضا إلى عملية بناء على معطيات غير موجودة ويسميها حقائق، ثم ينشرها، هكذا بدون تحقق ولا موضوعية وتحسب علينا "صحافة"!!
يوم السبت، كان كل من وزير الصناعة ووزير النقل في العاصمة السورية دمشق، يجتمعان وطواقم أردنية مع نظرائهم السوريين تحضيرا لاجتماعات اللجنة العليا الأردنية- السورية المشتركة، وهو اجتماع تأجل آخر مرة بسبب عارض صحي ألم برئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري، لكن اجتماعات اللجنة التحضيرية مستمرة، فهناك الكثير من التقاطعات المشتركة والتي تستدعي من الجانبين مناقشتها وتوظيف كل الخبرات الفنية بينهما لتحقيق الحد الأقصى من المصلحة المشتركة، والمصالح هي التي تقود العلاقات بين الدول، وما بين سوريا والأردن مصالح كثيرة وتقاطعات أكثر، وهذه المصالح وتلك التقاطعات تفرضها جغرافيا سياسية ويراكمها تاريخ علاقات مشترك، وتتأثر بمعطيات إقليمية ودولية لها حساباتها المدروسة لدى الطرفين.
بمعنى آخر وأكثر دقة، فإن العلاقات بين الأردن وسوريا لا يمكن تحليل بنيتها بناء على معطيات يخلقها المزاج الشخصي، مثل القول بأن العارض الصحي الذي ألم برئيس الوزراء السوري كان حجة سورية لوقف اجتماعات اللجنة العليا المشتركة، ومن ثم تدعيم هذا المنطق المزاجي بحجة واهية مفادها أن الإعلام السوري لم يذكر أي شيء عن توعك رئيس الوزراء السوري!! حسنا فعل الإعلام السوري بذلك، وإلا كانت سابقة صحفية خطيرة إن تم انتهاجها في العالم العربي لتحولت الصحف إلى نشرات طبية متخصصة في الحالة الصحية للحكومات!!
الأدهى في سياق ذات المدرسة التحليلية الذهاب بعيدا في القول أن دمشق التقطت إشارات التغيير الحكومي في الأردن، وحتى يحدث ذلك التغيير فإن دمشق تفضل تأجيل اجتماعات اللجنة العليا المشتركة!!
مصيبة لو كان هذا صحيحا، فهذا يعني أن حمى الجدل الإعلامي في التغيير الحكومي وهي حمى أردنية محلية انتقلت بأعراضها إلى دمشق.
بعيدا عن التحليل "المازح" بافتراض حسن النية دائما، فإن اجتماعات اللجنة المشتركة اجتماعات دورية وممنهجة، وأي رئيس وزراء لحكومة المملكة الأردنية الهاشمية سيعمل على لقاء أي رئيس وزراء في الجمهورية العربية السورية ضمن جدول اجتماعات اللجنة، واللجنة لا تقتصر على رؤساء الحكومات وحسب، ولا الوزراء المعنيين، بل لها لجانها من الفنيين والمختصين من الجانبين، وهم الجنود المجهولون في البحث الدؤوب على أكثر من مستوى في غابات من التفاصيل بحثا عن قواسم مشتركة في المصالح، تتفق عليها الحكومات.
في المحصلة، فإن التحليل "المازح" المذكور، كان بمثابة الضارة النافعة، لأنها جعلت رئيس الوزراء المهندس نادر الذهبي يبتكر دبلوماسية جديدة في عالم العلاقات العربية – العربية وهي دبلوماسية "العيادة"، حين كلف الوزيرين الأردنيين في دمشق بعيادة رئيس الوزراء السوري، وهي لفتة طيبة توحي بعكس ما أراد الزميل "المازح" أن يثبته بيأس ومثابرة.
mowaten@yahoo.com
عن الرأي