من هو المستثمر الذي نريد؟
د.محمد جميعان
20-05-2019 02:14 PM
اهتمامات الحكومة في ايجاد سبل النهوض بالاستثمار اصبحت ظاهرة وبارزة في الاعلام في الاونة الاخيرة، لدرجة ان الحكومة تريد ان تستقدم اجانب لتولي مسؤولية هذا القطاع على حد ما نشر من تصريحات ، وذلك بعد ان شهد الاستثمار تراجعا بنسب عالية وهروب مستثمرين بشكل ملحوظ، وذلك بعد تصريحات نسبت للبنك المركزي الأردني بان تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر وصل الى نحو 53%.
بلا شك ان ذلك مقدر للحكومة والاعلام ، ولكن السؤال الغائب وربما المغيب في خضم هذه الاحاديث والذي ما زال طي الادراج ، ولم يطرح بعد، الا وهو ؛ من هو المستثمر الذي نريد ؟
ان من شأن التعريف بهذا المستثمر الذي نريد والذي يخدم مصلحتنا كدولة ومصلحة الصالح العام للناس يختلف تماما عن المستثمر الذي جاء ليحلب المنافع والمكاسب على قاعد الافادة والاستفادة الشخصية مع اصحاب السلطة والنفوذ.
وهنا اذا جاز لي ان اصنف المستثمر من هذه الزاوية المهمة وهي زاوية المصلحة العليا الى نوعين؛
- الاول؛ المستثمر الحقيقي صاحب المال والخبرة والاختصاص في مجاله احيانا كثيرة، ولديه سجلات تجارية اقليمية ودولية وربما محليه، ولديه ايضا سجل شخصي وسلوكي مالي نظيف، وهذا المستثمر غالبا ما يطمح الى تسهيلات واضحة المعالم ، وثبات في التشريعات، واستقرار امني اقتصادي يطمأن له ، ولسنوات قادمة ايضا وذلك في تقديراته، الذي غالبا ما يكون له وحدة ادارية من المستشارين والمحامين لتقدير مستوى الامن والجدوى الاقتصادية الاولية لمجال استثماره.
- الثاني؛ المستثمر المزيف صاحب الفهلوة وبيع الاوهام ، وجمع المال كيفما كان ، وغالبا ما يعتمد على نسج اكبر شبكة من العلاقات الاجتماعية مع كبار المسؤولين وصغارهم ، سخي في الدفع ، وقدير في الاستغلال والكسب السريع وربما غير المشروع، يسعى دائما لتجاوز القوانين والحصول على استثناءات على قاعدة " نفعني وبنفعك " بشكل شخصي وعلى حساب المصلحة العامة ومصلحة الدولة التي يستثمر فيها.
ومن هنا كان السبب الاهم برايي في الفساد والتراجع هذا بالطبع مع اسباب رئيسة اخرى، لاننا لم نحاول استقطاب الاستثمار الحقيقي والمستثمرون الحقيقيون الذين يؤسسون الى صناعات متوطنة وقوية ويصعب رحيلها وتفكيكها في كافة القطاعات.
وكان التركيز وللاسف على تقديم تسهيلات واعفاءات وبالمجان يستفيد منها مستثمرون ليسوا ذوي ملاءة واقتدار ونشاط استثماري حقيقي، والبعض يجنح خدمة لمصلحته الى الترحيب واحيانا استقطاب مستثمرين من النوع الثاني الذين سرعان ما يهربون عند اول استشعار بالخطر ، ناهيك عن كونهم يشكلون بيئة طاردة للاستثمار الحقيقي .
Drmjumian7@gmail.com