أجزم بأن لا أحد من العرب من محيطهم إلى خليجهم يريد أو هو متحمس لحرب ضد إيران . بل على العكس من ذلك تماما , فالكل يتمنى لو أن العلاقات الإيرانية العربية علاقات طبيعية عنوانها التعاون الإيجابي وحسن الجوار .
أميركا وإسرائيل في حالة عداء مستمر مع طهران على خلفية البرنامج النووي الإيراني إبتداء , وهما ثانيا في صراع معها على منطقتنا العربية, وللأسف . ولقد إستعدت إيران معظم العرب بسياساتها التوسعية في بلادنا العربية وتدخلها المباشر سياسيا وعسكريا في شؤون العرب الداخلية, وأرغمت العرب خلافا لما يتمنون , على إعتبارها" عدوا " بسبب ممارساتها وتدخلاتها هذه .
ونقولها ثانية , فلقد كسرت إيران بسياساتها تلك , ظهرها وظهور العرب معا, أمام المشروع الصهيوني المدعوم أميركيا , برغم محاولات العرب المتكررة المخلصة لثنيها وديا عن تلك السياسات المخاصمة للعرب , وبخاصة دول الخليج العربي الشقيقة , فبدلا من أن تتعامل إيران مع العرب كدول , إختارت التعامل مع منظمات وطوائف إستعدتها على دولها الأم, وأمدتها بمختلف أشكال الدعم بلا تردد وما زالت , وإستغلت ما سمي بربيع العرب لفرض وجودها في دول عربية عدة .
لا علينا فذلك وضع قائم يبدو أن طهران ما زالت مقتنعة بجدواه . واليوم ها هي أميركا ومعها إسرائيل , تدقان طبول الحرب ضدها, وتوظفان تدخلاتها السياسية والعسكرية في شؤون عالمنا العربي وبخاصة ضد أشقائنا في الخليج , كأحد أهم مبررات معاداتها والتلويح بشن حرب ضدها ! .
الكرة الآن في ملعب إيران لا في ملعب العرب , وبمقدورها لو فكرت مليا بالعواقب الوخيمة للحرب عليها وعلى المنطقة بأسرها , أن تسد كل الذرائع وتسحب كل الأوراق من بين أيدي أميركا وإسرائيل , وهو ما نتمناه جميعنا كعرب .
بمقدور إيران أن تتوقف تماما عن التدخل في شؤوننا العربية في لحظة إن هي أرادت , فتغادر سورية والعراق وتملي على حليفها الحوثي في اليمن الإنصياع للشرعية ووقف التمرد ضدها والإذعان لهاتف المصالحة والسلام وتكف عن تزويده بالسلاح وكل أشكال الدعم .
وبمقدور إيران أن تكف يدها عن التدخل الطائفي في البحرين وفي لبنان وغيرهما , وتعلن رغبتها الحقيقية في علاقات تعاون إيجابي مع العرب جميعا وبالذات في الخليج العربي , لتجد عندها أن العرب سيقابلونها برغبة حقيقية مماثلة تنهي وإلى الأبد , كل مبررات الخصام معهاعربيا .
لو فعلت إيران هذا وهو في صالحها وصالحنا نحن العرب , لما وجدت عربيا واحدا ضدها , ولإقتصرت نزاعها مع أميركا التي لا تريد دولة نووية في المنطقة سوى ربيبتها إسرائيل , ولوجدت تعاطفا عربيا معها تماما كما حدث عند عودة الإمام الخميني إلى طهران ! .
نعم لو فعلت إيران هذا وفورا وهو ليس بالمستحيل ولا بالصعب إن هي أرادت , لما بقي مبرر واحد لأي قطر عربي لأن يخاصمها أو يؤيد أو حتى يقبل بحرب أميركية إسرائيلية ضدها , ولحظيت بتعاطف شعبي ورسمي عربي واسع معها في مواجهة أية حرب تشن ضدها .
تدرك طهران جيدا معنى تزامن ما يسمى بصفقة القرن لتصفية قضية فلسطين التي يتحسس منها وضدها كل العرب , مع حالة التصعيد القائمة بينها وبين أميركا , وهي لهذا مطالبة بإدراك أن إنهاء خصامها مع العرب , يمنحنا نحن العرب , قوة أكبر لرفض الصفقة ومواجهتها إن كانت حريصة حقا على دعم الموقف العربي المجافي للصفقة من أساسها , والإصرار على حل عادل لقضية فلسطين .
مرة ثانية .. الكرة في ملعب إيران لا في ملعبنا نحن العرب , لتجنب حرب مدمرة سندفع نحن والشعب الإيراني ثمنها الباهظ دمارا يريده الآخرون لها ولنا معا . والله جل جلاله من وراء القصد .