لا تنتظروا التغيير سريعاً
نضال منصور
29-09-2009 03:25 PM
** التغيير مرتبط بالإصلاح السياسي، والإصلاح السياسي مؤجل أو معلق حتى يستقر الوضع في الأقليم
غريب أمر النخب السياسية في الأردن "يريدون جنازة حتى يشبعوا فيها لطما"، وعلى ذلك بدأوا يحملون الإرادة الملكية بتأجيل انعقاد الدورة البرلمانية العادية أكثر مما تحتمل، فأصبح القرار برأيهم مقدمه لتغييرات جذرية واسعة.
أضحكني هذا التحليل فاتصلت بأمين عام مجلس النواب الأستاذ فايز الشوابكة لأسأله كم مرة عقدت الدوره العادية في موعدها ولم تتأجل.. فكان جوابه مرة واحدة العام الماضي.
هذا يعني بوضوح قاطع أنه منذ عام 1989 استخدم جلالة الملك صلاحيته الدستورية بموجب الماده 34 الفقرة الثانية لتأجيل انعقاد البرلمان.
هذا الكلام ليس أكثر من ذر للرماد في العيون، للإيهام بأن هناك تغييرات شاملة قادمة في الطريق.
وباعتقادي المتواضع فإن ما ننتظره من تغيير لم يحن موعده بعد، فالتغيير مرتبط بالإصلاح السياسي، والإصلاح السياسي مؤجل أو معلق حتى يستقر الوضع في الأقليم على كل الأصعدة، بدءا من ملف السلام ولعبة نتنياهو القذرة، مروراً بالوضع العراقي المشتعل، وليس إنتهاء بالأزمة اللبنانية والسورية.
طبعاً لست ممن يؤيدون تعطيل أو تأجيل الحياة البرلمانية، لكن هناك من يهمسون في مطبخ القرار بضرورة التريث، وأن الأردن لا يحتمل قفزات ديمقراطية ونحن تحاصرنا نيران الأقليم.
أنطلق من هذه القناعة التي أثبت الواقع صحتها، لأقول بأن الامور ستبقى على حالها، وإن حدث تغيير فهو محدود جداً وليس جذرياً.
أبدأ برئاسة مجلس النواب التي تثير الحراك والشغب كل عام وأتمنى أن يأتي اليوم ليصبح انتخاب رئيس المجلس لأربع سنوات أو سنتين على الأقل.
ومع الترحيب بتيار "الإصلاح والتغيير" إلا أنني لا أُنجِّم إن قلت إن الباشا عبدالهادي المجالي سيفوز مرة أخرى، وسيأخذها في العام المقبل أيضاً أن لم يصبح رئيساً للوزراء.
المجالي يعرف أكثر من غيره كيف تؤكل الكتف، وفي عز الغضب عليه وعدم الرضى عنه أصر على دخول انتخابات الرئاسة وفاز، فهو يتقن أكثر من غيره بناء شبكة التحالفات والمصالح، ويؤمن أكثر من غيره علناً بضرورة وجود حزب أو تيار الأغلبية وبأهمية تداول السلطة، بالرغم من الفشل الذي مني به خلال محاولات بناء الحزب سابقاً.
الزعامات البرلمانية كلها صاحبةخبرة لا يمكن الانتقاص منها، فالروابدة لن يخوض انتخابات ويريدها بالتزكية له، والدغمي انسحب لأنه يعرف وعورة التجربة، والسرور والعبادي يدركان أن جبهتهما مخترقة وليست مرصوصة الصفوف، وقبل ذلك وبعده، فالجميع يعلم أنه لا توجد تعليمات وفيتو كما كان الأمر حين كانت "المظلة الأمنية" صاحبة اليد المطلقة.
على صعيد الحكومة، لا أتوقع التغيير الحكومي قبل الدورة العادية، فبالرغم من أن حكومة الذهبي ليس لها نكهة وحراكها بطيء جداً وصراعات وزرائها على كل لسان، إلا أنني أرجح أن تبقى حتى نهاية العام فتمررالموازنة وتواجه أزمة المديونية المتصاعدة وارتفاع أسعار المحروقات لا قدر الله، ثم قد ترحل أو قد يفاجأ الجميع بتعديل وزاري جديد للذهبي.
قد يحدث ذلك ويبقى الذهبي على قلوب من لا يحبونه ، وقد تأتي حكومة جديدة ورئيس جديد، ولكن علينا أن لا نتوقع "انقلاباً" سياسياً واجتماعياً واقتصادياً في التعامل مع الملفات والأزمات!
الإنقلاب الذي نريده ويُحدِثُ وَقْعاً وحراكا في المجتمع ويدفعنا للتغيير والإصلاح له مقدمات لم تحدث والنظام السياسي ليس مهيأ لإنجازه الآن!
على سبيل المثال، هل نحن مستعدون لحل البرلمان وإجراء انتخابات وفق قانون جديد يضمن العدالة من دون تزوير وتدخلات أمنية حتى يكون مجلس النواب ممثلاً للشعب وقادرا على الرقابة والمحاسبة والمساءلة؟
هل نحن جادون في خيار الديمقراطية ونريد أن نبني مجتمعاً مدنياً وأحزاباً قادرة على لعب دورها أم أننا نريد قليلا من الماكياج بما يكفل تحسين صورتنا في الخارج؟!
باختصار، لا تنتظروا التغيير سريعاً، قد تتبدل بعض الأسماء هنا وهناك، لكن الأمور لم تنضج بعد!