خمسون عاماً بَلَغْتُ في هذا اليوم، وكما عودتني تهاني الاصدقاء والمُحِبين في كل عام اود المبادرة بشكر الجميع على طيب مشاعرهم وأمنياتي لهم بالصحة والتوفيق، ومشاركتهم بعضاً من خواطري وانا انظر الى السنوات التي مضت من عمري.
مرت السنون عجالاً بشكل يصدم المرء ويدعوه للقلق، ولكن العمرَ ما هو الا رقمٌ اصمْ والحياةَ ما هي الا رحلةٌ او تجربةٌ تعتمد بالنتيجة على الطريقة التي نقرر السير بمشوارها. العمر الحقيقي هو ما نشعره بقلوبنا.
علمتني سنيّ الخمسون ان التفكير الإيجابي يستجلب الطاقة الإيجابية ويحقق الطموحات. تحقق لي الشيء الكثير من خلال ذلك.
الحمد لله حمدا كثيرا جزيلا على رحلة ملؤها الامتنان؛ عائلياً أسرةٌ ولا اجمل، مهنياً عملٌ ولا اقدس، سياسياً خدمة وطن جليل بكل جدية وشرف وكبرياء.
قضيت مجمل سنيّ الخمسين في رفقة اغلى الرجال، نهلاً من ربيب روحٍ مناضل صلب اقتص فقدانه مني الصميم، علمني الا اكون جهوياً او إقليمياً او طائفياً او عديم كبرياء او مروءة او انتاج، وان الوطنَ نزاهةٌ وعدلٌ وعملٌ.
علمتني سنيّ الخمسون ان العمرَ موقفٌ ومبدأ وان الثبات على ذلك يجلب الراحةَ للنفس والصلحَ مع الذات واحترامَ الجميع. ومن هنا فانا لا زلت كما انا، لا أبدل ثوبا تزلفاً لفلان ولا أغير موقفاً ليرضى علان، اؤمن بالنهج القومي الوحدوي وان الاردن وطنٌ حرٌ لا بد من المحافظة عليه بالمُهج وصون هيبة مؤسساته وهويته الوطنية وقيم المواطنة الحقة فيه، والعمل عَلَى ان لا يُصَدَّقُ فِيه الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيه الصَّادِقُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيه الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيه السَّفِيهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ.
تكرست بالنتيجة قناعاتي، من خلال تجاربي ومشاهداتي الوطنية والدولية، بأن معركتنا حضارية بامتياز وان خيوط المؤامرة على هذه الأمة متشعبة وكبيرة وأنه لن يتحقق التقدم المنشود في اي بلد كان في غياب الإصلاح السياسي العميق والجدي الذي يكرس التعددية السياسية نهجا ويحمي حرية التعبير والفكر والحياة الكريمة ويصون العدالة الاجتماعية ويرتكز الى سيادة القانون ويجتث آفة الفساد أيا كان طبيعته، فخبزُ العباد المفقود قد لا يخفف وطأته الا الشعورُ بالعدل والأمان في الأوطان.