التشاركية ... مصطلح أثار جدلاً كبيراً في عالمنا العربي ؛ مع أنه سابق لها بعقود ولكن الثقة المفقودة بين التنظير وبين التطبيق جعلها بين قطبي رحى وأثارت جدلاً وخلافا كبيراً . فالتشاركية بين القطاع العام والخاص تهدف لتحقيق اقتصادية واجتماعية بحيث تستطيع الحكومة بالتنمية الاقتصادية والبشرية والاجتماعية بما يمثل الاستثمار الأمثل للموارد وبما لا يحيدها عن ادارة التنمية . وهي مفهوم قديم أخذ أشكالاً متعددة عبر الزمن وفي مختلف البلدان ؛ دون ان يكون لها تعريف واحد متعارف عليه بين الدول . لكن من المتفق عليه أن مفهوم التشاركية يقوم على مشاركة القطاعين العام والخاص في تنفيذ وتشغيل مشروعات تنموية تحتاج إلى خبرة فنية واسعة لتشغيلها وإداراتها تفوق قدرة القطاع العام .
والصين خير نموذج على قدرتها تحقيق التشاركية . واذا ما تحدثنا عن الصين كحضارة عريقة ممتدة لأكثر من ٥٠٠٠ عام وعن المنظومة الفكرية التي أسسها كونفوشيوس وزملاؤه منذ ٢٠٠٠ عام ؛ وعن المعاناة التي مرت بها البلاد من خلال الحصار الاقتصادي والسياسي ؛ واغلاق الصين ابوابها أمام العالم ؛ وعن تجارب الأنظمة السياسية التي مرت بها البلاد ؛ إلى أن وصل الشعب إلى اختيار التشاركية .
ورغم الجهود الجبارة التي نقلت الصين من دولة زراعية إلى دولة صناعية زراعية متطورة ؛ والتي أوصلتهم إلى ثاني اقتصاد في العالم ؛ يصرون على كونهم دولة نامية ؛ أمامها الكثير لإنجازه ؛ ولابد من بذل جهود كبيرة لكي يعيش مليار واربعمئة مليون نسمة بكرامة . ومدينة شنغهاي ؛ خير مثال على تحقيق التشاركية الصينية ؛ فهي مدينة فائقة الجمال التي تجمع الفنون المعمارية كافة وتشمل تاريخاً من الأبنية الصينية الجميلة ؛ ونماذج من عمارة العصر الفيكتوري الأوربي ؛ إلى الأبنية الحديثة والأبراج الشاهقة المتنوعة في هندستها المعمارية . اكثر من ٤٥٠٠ ناطحة سحاب ؛ يبلغ ارتفاعها أعلاها ٤٨٨ متراً . وهي ثاني مدن الصين من حيث تعداد السكان ؛ وعاصمة البلاد الاقتصادية ؛ وهي إحدى البلديات المركزية الأربع في البلاد . تقع في وسط ساحل الصين ؛ جنوب مصب اليانغتسي ؛ وهي إحدى قنوات المياه الرئيسية في الصين . ويخترقها نهر هوانغبوا آخر روافد نهر اليانغتسي ؛ ويمتمد ميناء شنغهاي على طول النهر . هذا الموقع الجغرافي الممتيز جعل منها مرفأ تجارياً مهماً ؛ وأحد أكبر أقطاب الصناعة والتجارة في الصين .
والفارق بين ان تتابع ما تنجزه الصين ؛ وأن تتعلم منها ... فارق كبير ؛ ونحن علينا التعلم ان القوة والأرادة حاجة في حياة الشعوب في اللحظات الحاسمة . وان التعلم من تجارب الشعوب ؛ هي بداية الإصلاح والإنفتاح .