مطلوب توحيد كل جهود الخير والبر في اطار صندوق الزكاة
الحكومة تضرب عرض الحائط بعمائم العلماء وأصوات النواب
∎ أعمال العنف تدلل على تآكل هيبة الدولة وضرب القانون بعرض الحائط
بعد سيداو هل سنرى نمطاً جديداً من العصابات النسوية؟
∎ نواب ينتظرون الضوء الأخضر وقضاة يتعرضون للضغوط
استمرار السياسات الاقتصادية قد يؤدي إلى عنف يأكل الأخضر واليابس
قضيت عطلة عيد الفطر، بصحبة ملف كبير. فيه مجموعة من الأخبار والتقارير الاخبارية المحلية الاردنية التي يخرج المرء من قراءتها والربط بينها، بسلسلة من الخلاصات المرعبة. التي تجعلنا نتساءل الى أين نحن ذاهبون؟ وما الذي يراد بنا؟ ولماذا نقف مكتوفي الأيدي، ونحن نرى الأمواج العاتية تتقاذف سفينة الوطن. في نفس الوقت الذي تعمل فيه الكثير من الأيدي العابثة والآثمة على إحداث خروق كبيرة في بناء هذه السفينة؟.
المجموعة الاولى من الأخبار والتقارير التي ضمها ملفي، كانت تتعلق ببعض الأنشطة التي صاحبت شهر رمضان الكريم. وفوق ان التمعن في هذه الأنشطة يؤكد إصرار جل القائمين عليها على تفريغ رمضان وشعائره من مضامينها الحقيقية. وتحويل انشطته الى وسيلة للإعلان الأقل كلفة. وللاعلام الشخصي لبعض أدعياء الخير، وللتهرب الضريبي الذي تمارسه بعض الشركات الكبرى. فوق ذلك كله فان اخطر ما في هذه الانشطة هو أثرها النفسي والاجتماعي، الذي بدأنا نلمسه في حياة شعبنا. الذي يصر البعض على تحويله الى شعب من المتسولين. الذين يعيشون عالة على موائد رمضان. وعلى طوابير المساعدات التي تهدر كرامتهم فيها من جهة، وتعين بعض الجهات والأشخاص على الاثراء على حساب معاناة فقراء بلدنا. من جهة ثانية خاصة بعد ان بدأت تتضح أكثر فأكثر صورة تجار طرود الخير وسماسرة الجمعيات.
لهذا كله فإنني أهيب بالجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارة الأوقاف بضرورة التحرك المبكر، لتنظيم عمل الخير في السنوات القادمة. من خلال العمل على توحيد كل مسارب هذا العمل. في إطار واحد لا يستثني أحداً. ونظن ان أنسب إطار لهذا كله صندوق الزكاة باعتباره أولاً الجهة الأكثر شرعية دينية وقانونية من جهة، والأكثر خضوعاً للرقابة القانونية الرسمية، والأكثر قدرة على معرفة المستحقين الحقيقيين للمساعدة، خاصة من خلال لجان المساجد من جهة أخرى.
خلاصة القول: إننا لسنا ضد عمل الخير، لكننا ضد المتاجرة بالخير من جهة، وضد سياسة تحويل شعبنا الى قطعان من المتسولين.
المجموعة الثانية من الأخبار والتقارير التي كانت في ملفي، انصبت على أعمال العنف التي تكاثرت في بلدنا على الصعيدين الفردي والجماعي. والتي يتكاثر عدد القتلى والجرحى بسببها يوماً بعد يوم. والدلالة الأولى لهذه الأعمال هي ان هناك تآكلاً كبيراً في هيبة الدولة وحضورها في وجدان الناس وواقعهم وهناك ضربٌ للقانون بعرض الحائط.
أما الدلالة الثانية لهذه الأعمال، فهي ان آثار السياسات الاقتصادية الفاشلة التي تطبق في بلدنا بدأت تؤتي أُكلها، توتراً وقلقاً وخوفاً من المستقبل. ينعكس في هذا العنف الذي صار يتعاظم في حياتنا، ويحصد أرواح أبنائنا. لذلك نجدد التحذير من استمرار هذه السياسات التي قد تقودنا الى عنف قد يأكل الأخضر واليابس. خاصة وأن هذه السياسات الاقتصادية العقيمة مصحوبة بحالة من إدارة الظهر للناس، وصم الآذان عن أنينهم بل والاستعلاء عليهم.
المجموعة الثالثة من الأخبار والتقارير التي قرأتها في العيد، ترتبط بالمجموعة الثانية بصورة كبيرة. فهي تتعلق بالعنف الذي صارت المرأة تمارسه في بلدنا ففي الأخبار، خبر عن إدانة سيدة بهتك عرض شاب وصبية. وأخبار عن إقدام نساء على قتل أزواجهن وابنائهن وإخوانهن وأمهاتهن وأخبار أخرى عن عصابات نسائية للنشل والتزوير والتهريب فهل هذه الحرية والمساواة التي نريدها لنسائنا؟.
والى أين تسير بنا بعض الأبواق المستأجرة للحديث عن جرائم الشرف، وعن حقوق المرأة؟ وإلى أين سنصل بعد ان ضرب مجلس وزرائنا بعرض الحائط عمائم مجلس الافتاء وأدار ظهره لمجلس النواب وإصراره على إسقاط التحفظات على اتفاقية سيداو؟. التي يتكاتف عدد من المحامين للمباشرة في تنفيذها، والأخذ بها في محاكمنا. حيث لن يعود لاحدنا سلطان على زوجته، أو ابنته، او أخته بان تفعل ما تشاء. فهل سنرى عصابات نسائية من نوع جديد بفضل سيداو وغير سيداو. خاصة وان هؤلاء السداويون يعملون ويعملون ويتركون من يعارضهم يثرثر ويثرثر ويكتفي بالثرثرة.
بالتأكيد لم يخلُ ملفي الاخباري في العيد من أخبار وتقارير حول حكومتنا الرشيدة فهذه الحكومة التي لم تبالِ بفتوى مجلس الافتاء. والتي أدارت ظهرها لمجلس النواب في قضية سيداو وغير سيداو. لم تتمكن من لم شملها والتكتم على فضائحها. فقد غدت خلافات وزرائها على كل لسان وصارت التناقضات في تصريحات هؤلاء الوزراء حتى حول القضية الواحدة نكتة سمجة يرددها الاردنيون، وهم يقلبون كفا على كف على ما وصلت إليه حالة حكوماتهم التي يدمنون على تسلية أنفسهم بقرب رحيلها او تعديلها. على أنهم لا يتفاءلون كثيراً برحيل حكومة ومجيء أخرى فكلما جاءت أمة لعنت أختها ففي بلدنا تتغير الوجوه وتظل السياسات والمممارسات. خاصة في مجال الفساد التي تتكاثر أخباره والمكافآت التي ينالها الفاسدون. وهل هناك جائزة للفاسد أفضل من إحالته الى التقاعد ليستمتع بما سرق بدلاً من أن يحال الي القضاء لينال جزاء ما أقترفت يداه؟.
لقد صار الفساد في بلدنا محمياً وصارت له شُعب وشِعب، ودروب وفنون فمن تفاوت غير مبرر وغير منطقي في الرواتب. الى توظيف للمحاسيب بالعقود الشاملة. الى سطو لابناء المسؤولين على العطاءات، وعلى المكافآت والمناصب. الى اعتداء على أموال المواطنين من شركات حكومية وشبه حكومية. ولا احد يريد ان يشبع من هؤلاء الفاسدين المفسدين ما دام لا أحد يردعهم. فحكوماتنا صماء عمياء لا تسمع شيئاً ولا ترى هؤلاء المفسدين الفاسدين.
واذا كان وزراؤنا يتشاتمون ويتناقضون على صفحات الصحف، فهل نعجب بعد ذلك من ان يتشاجر أعضاء مجالسنا البلدية ويمسكون بتلابيب بعضهم البعض. متشاتمين يتبادلون الاتهامات. لان هذا الرئيس ينفرد بالقرارات، ولان ذلك العضو يضرب بقرارات المجلس عرض الحائط. ولأن عضواً ثالثاً لا يتردد في إغلاق مكاتب دائرة من دوائر البلدية، واضعاً مفاتيحها في جيبه في حين لا يتردد رابع في حجز آلية من آليات البلدية في منزله، ومما يزيد الطين بله، انهم جميعاً يشكون من قلة الامكانيات مما ينعكس على الخدمات المقدمة للمواطن الاردني الذي صار «مكسر عصي» للكبير والصغير. لا ظهر يحميه ولا سند يقويه، حتى وكالات السياحة صارت تستقوي عليه نصباً واحتيالاً. وتتركه شريداً على أرصفة هذه الدولة او تلك فقد صرنا أضيع من الايتام على موائد اللئام.
ومثلما لم يخلُ ملف الاخبار من شؤون وشجون الحكومة، فانه لم يخلُ ايضاً من ما يماثل ذلك مما يتعلق بمجلس النواب. ومعاركه الدونكوشوتية، واحاديث الضوء الأخضر الذي تلقاه هذا النائب أو ذاك مما لم يعد أمر مرجعياتهم خافياً على احد. مثلما لم تعد خافية على أحد آليات صنع قرار هؤلاء، مواقف أولئك. ممن يرون أنفسهم مجرد موظفين هبت رياحهم فسارعوا لاغتنامها نُمر سيارات، ومياومات سفريات، ورواتب تقاعدية مما لا توفره دول كبرى لاعضاء مجالسها النيابية.
وفي ظل هكذا مجالس نيابية، ابتليت ببعض هؤلاء الذين يحسبون على شعبنا ممثلين له فيخجلونه مثلما يخجلون الكثير من النواب الاردنيين، لم يعد غريباً هذا الاستسهال للعملية التشريعية. ولم يعد غريباً ان يعدل هذا القانون أو ذاك، خدمة لمصلحة هذا وإكراماً لسواد عيون ذاك. او رضوخاً لهذا الضغط أو استجابة لذلك الاملاء الذي صار يمارس على نوابنا الا من رحم ربي.
على ان أغرب ما يمكن ان يقرأه المرء من أخبار مما لا تجد مثلها الا في بلدنا، تلك الأخبار المتعلقة بالوساطات والجهود التي تبذل لقطع الطريق على القضاء. والسعي لمنع صدور احكامه مما يجعل المرء يصلي ليل نهار ليحمي الله حمى العدالة ويعين رجالها في بلدنا للثبات على الحق.
قراءة الاخبار في بلدنا لا تخلو من العجاب العجاب. ومن رؤية الاشياء تمشي على رأسها بدلاً من قدميها أو أقدامها. ففي بلدنا يهاجم النقابي العمالي العمال. وينحاز المسؤول الذي تناط به مسؤولية محاربة الاحتكار الى صف المحتكرين. ثم لا تريدوننا ان نعجب ونصلي لله ان يحمي بلدنا من أصدقائه؟!
اللواء.