مروّع هو ما تناقلته وكالات الأنباء عما جرى أمس الأحد 27/9/2009 م وما زال يجري حتى اللحظة داخل وحول المسجد الأقصى , مروّع من حيث هذا الإصرار الغبيّ للعدو الصهيوني على تجاهل كل معطيات التاريخ بزعمه أن له حقا تاريخيا وهيكلا موجودا فقط في مخيّلة عتاة العدو من اليمين المتطرف , هذه المخيّلة المريضة , هي نفسها التي جعلتهم يتصورون أن لهم حقا تاريخيا في فلسطين , وبالتالي , فإن الشعب الفلسطيني الذي كان موجودا على امتداد الحقب التاريخية منذ اليبوسيين وحتى يومنا هذا , هذا الشعب , انما وجد في المكان الخطأ والزمان الخطأ , وهو بالتالي , خارج الزمان والمكان ...
على امتداد الفترة منذ نكبة الشعب الفلسطيني وتأسيس الكيان العنصري الصهيوني عام 1948 م وحتى يومنا هذا , طرح على بساط البحث العديد العديد من الحلول ( التلفيقية ) , حلول ومشاريع حلول , كانت وما زالت تحاول التغاضي عن ذلك الخطأ التاريخي الذي ارتكبه المجتمع الدولي بخلق هذا الكيان العنصري وغرسه في قلب العالم العربي , حيث احاطته القوى الإمبريالية برعايتها الفائقة وعنايتها الدؤوبة , مما مكّنه بالتالي من ان يصبح بعبعا بمخالب وأنياب نووية , يخيف دول وزعماء وشعوب المنطقة بكاملها ... ولهذا السبب ( ولغيره من الأسباب ايضا ) , ابتدأ التراجع والنكوص عند الحكام العرب والنخب العربية , وحتى عند الكثير من ( الثوريين ) العرب , ممن أصمّوا آذاننا بضجيجهم وجعجعتهم , دون ان نرى طحنا حقيقيا ... يتساوى في ذلك اليمين الرجعي مع اليسار الإنتهازي مع أفّاقي ومشعوذي الدين ... الكل اصبح في مركب اللهاث عن حلّ ... أيّ حل , مع بعض الإختلاف بالتفاصيل ... الكل سلّم بحقيقة ان هذا الكيان الصهيوني , قد وجد ليبقى , واننا لن نقدر على مجابهته , واصبحوا يتفننون باختلاق الأعذار والتبريرات والذرائع , يسوّقونها على شعوبنا العربية , متنكّبين كل الطرق الممكنة , بما فيها القمع الشديد والتنكيل بكل من تسوّل له نفسه بمعارضتهم ...
فاليساري , وتحت ذريعة ( أخوّة البروليتاريا ) , والرجعي اليميني , تحت ذرائع من نوع ( السلام مع العدو الصهيوني سيعمل على ازدهار المنطقة ) , واصحاب العمائم من شيوخ لا يؤمنون بالجهاد اصلا , من باب (الجنوح للسلم عند العدو يفرض علينا ان نجنح له ) , اما الحكام العرب ( رضي الله عنهم وارضاهم ) , فهم اصلا ليسوا في حاجة لأي مبرر او ذريعة , هم فقط عبارة عن عملاء صغار فاقدي الهوية والحيثية , ولديهم من الأجهزة الأمنية والأسلحة الفتاكة ما هو كفيل بإسكات اكبر رأس يعترض على سياساتهم المشينة وارتباطاتهم المشبوهة بدوائر الإستعمار ( قديمه وحديثه ) ...
من حسن حظ اخوتنا المقدسيين لنهم يملكون قرارهم النابع من الحجم الهائل لاشتباكهم اليومي وتماسّهم المباشر مع هذا العدو العنصري المتغطرس , من حسن حظهم انهم لا يقيمون في كنف أيّ من اقطار العروبة الزائفة , وانهم لا يعيرون انتباها لأيديولوجيا اليسار او لتخريفات اليمين او لشعوذات اصحاب العمائم ومن يقصرون الثوب ويعفون اللحى ويحفّون الشارب , إن قرارهم المستقل بأيديهم رغم وجودهم على خط النار المباشر مع عدوهم , انهم هم الأحرار فعلا وحقا , ونحن على امتداد اثنين وعشرين قطرا عربيا , نحن العبيد , بصدورهم العارية تصدّوا لجحافل وقطعان العدو الصهيوني , فمنهم نحن نتعلم , فهم مدرسة نضالية حقيقية , هم لا يعيشون وهم الحلول ومشاريع الحلول , ولا اظنهم يشاركون كبير المفاوضين رأيه بأن ( الحياة تفاوض ) ...إذ أيّ تفاوض بين القاتل والضحيّة ؟ على طريقة الذبح ؟ ام على شكل السكين وطولها ؟ ام على المكان او الزمان ؟
بوركت اياديكم ايها المقدسيون , يا من اعطيتمونا وشعوب العالم جمعاء دروسا في الصمود والمجابهة والنضال من اجل الحرية
Atef.kelani@yahoo.com