تاريخيا أثبتت السياسة الخارجية الأردنية عربيا, أنها سياسة راسخة في عدم التخلي عن الوقوف إلى جانب الأشقاء, إن لم يكن بالرجال وبالسلاح, فبالنصيحة الصادقة التي لا غاية لها سوى ضمان سلامة الدول الشقيقة, وعدم إنزلاقها رغما عن إرادتها "لا قدر الله", إلى ما لا نريد ولا نتمنى نحن وإياهم سويا.
اليوم وكل يوم, تتجسد هذه الحقيقة على أرض الواقع, بوقوف الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني وبوضوح تام وبلا تردد, إلى جانب الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة, في مواجهة التحرشات العسكرية المرفوضة من جانب الأجنبي وأعوانه أيا كانوا, وعلى من يعتقد بأننا خارج الحلبة ويمكن أن نتخلى أو نتنكر لأشقائنا ولعروبتنا, أن يتيقن من حقيقة أنه مخطيء تماما لا بل وموغل في الخطأ.
لم يخضع الأردن على مدى حقبة "الجحيم العربي" وبرغم ما يواجه وما زال من صعوبات إقتصادية جمة , للمغريات وما أكثرها, كي ينقلب عن تحالفه الإستراتيجي مع دول الخليج العربي الشقيقة , ويفتح الأبواب لتدفق الأموال والمنح والمساعدات وهو بأمس الحاجة لها , ولكن على حساب أمن أشقائه وعلاقاته الإستراتيجية التاريخية معهم , وظل موقفه عربيا شريفا لا يخذل الأشقاء أبدا تحت أي ظرف كان, أوبفعل أية مغريات .
قد يعتب الأردن المتموضع وسط العاصفة وفي عين النار وصلب ما يسمى صفقة , لكنه لا يمكن أن يصل به العتب حد الغضب والتنكر والتخلي عن جذره العربي أبدا, ومهما كانت النتائج وكان الثمن, فالأمن الأردني الخليجي واحد لا يتجزأ ولا يقبل القسمة على إثنين أبدا أبدا ! .
الأردن عربي والأردنيون عرب حتى النخاع , وهم ليسوا بناكرين للجميل, ولا هم ممن يتخلون عن الشقيق وقت الضيق , وإذا ما كان أشقاؤنا اليوم في السعودية والإمارات يواجهون مخططا ظالما مبيتا , فسينسى الأردنيون كل عتب , وسيقفون إلى جانب الأشقاء كشأنهم دوما منذ الفجر الأول لدولتهم إمارة فمملكة .
أميركا هي من تفرض حصارا عالميا على إيران وليس العرب , وإيران التي كنا وما زلنا نتمنى لو كانت صديقة لا بل وحتى شقيقة !, هي من تتدخل في شؤوننا العربية , وهي من فتحت الأبواب على مصاريعها للتدخل الأجنبي في شؤونها وشؤوننا معا , وهي من تحرك وتدعم " الحوثيين " ضد بلادهم وضد الأشقاء في الخليج , وإذا ما كانت لها من مشكلات فهي مع أميركا وليس معنا نحن العرب , وبالتالي فالحكمة تقول أن عليها أن تسعى لعلاقات طبيعية مع العرب , لا أن تحاول خلط الأوراق واهمة أن عربيا واحدا يمكن أن يبارك مسعاها هذا , وفي الطليعة منهم الشيعة العرب , إلا المغرر بهم من جانبها ضد عروبتهم وضد أوطانهم الأم , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قبل أن أغادر , الأردن بقيادة وريث النهضة العربية الكبرى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ومهما كانت ظروفه وتحدياته ومصاعبه , لن يكون إلا الأردن العربي المناصر لكل العرب , وبالذات أشقاؤنا في السعودية والإمارات الذين بدأ التحرش بهم عبر الأذرع العربية وللأسف , وهو ما يغضبنا جدا , ويسعد أميركا وربيبتها إسرائيل جدا في المقابل . والله من وراء القصد .