ألم يبق سوى الأحذية لندافع بها ..
28-09-2009 04:30 AM
من العار أن تتحول أمة تمتلك من التعداد البشري والعدد المالي والعتاد العسكري واللسان والعرق الواحد والمساحة الأرضية ما يجعلها أن تكون أمة النخبة القوية التي تسير على الأرض،مهابة،مصانة،محترمة، ترفل بأثواب الكرامة والعزة والمنعة .. من العار أن تتحول الى أمة من المستكينين الضعفاءالمشردين في أوطانهم ، أوأن تكون مصدرا للسخرية،ومدعاة للتندر ، في كل ما يتعلق بأمورها العامة والخاصة،فلا هم يحكمون ولا يتحكمون بأنفسهم ولا بأمور حياتهم .
في الخبر ، مئة مقدسي بطل خلعوا أحذيتهم وتعاونوا باستخدام المقاعد والحجارة ليقذفوا بها قوة من الصهاينة معتقدين وعسكريين ، ويشتبكوا معهم ليذودوا عن المسجد الأقصى الذي باركه الله وأعده محشرا لبني آدم بعد أن يفني بعضهم بعضا ، ويفني الله ما تبقى منهم .. وما كانت تلك الفئة الصالحة إلا أسود ضواري أوقعوا الرعب في قلوب الفئة الضالةالمدججة بأفتك الأسلحة .. وما تلك الدماء التي سالت سوى غسول طهور ، يذب به عن كرامة وشرف ذلك المكان المكرّم .
و في الوقت ذاته ينام ثلاثمائة مليون ونيف من العرب الذين قتلتهم التخمة أو الجوع أوالاقتتال ضد بعضهم بعضا ، ينامون في مخادع الدعة واللهث وراء المصالح والمنافع والمكائد ، حتى أصبح السواد الأعظم أشبه بالقطط الأليفة في بيوت الأغنياء ، تشترى وتباع وتـُُطعم ، وتخشى من نباح كلب سارح أو مخلب جارح .
تخيلوا لو كان المسجد الأقصى مبنى سفارة لأحدى الدول أو لدولة عربية ، هل كان يقبل أهلها أن يتم اقتحامها ؟ إذا كانت حدود الدول العربية تمسح بالرصد كل يوم، خشية تسلل نملة عبرها ، فكيف تقبل العرب أن تدوس جماعات التطرف والإرهاب والحقد المريض أرض الأقصى ، مدعومة من جيش حكومة يكاد البعض أن يقبل أقدام رئيسها كي يرضى عنه ؟
أليس من المخزي أن يطير عباس الى أقصى الأرض كي يجتمع مع زعيم العالم أوباما ، ليسمعه كلمات كان الهاتف كافيا لنقلها ، ثم يقاتل بالشجب والاستنكار.. ويهرول من نصبوا أنفسهم زعامات على الشعب الفلسطيني كي يصافحوا المتطرف "ليبرمان" ويهنئوه بعيده الذي أرجع متطرفوه التحية باقتحامهم للأقصى ، على غرار ما فعله كبيرهم " شارون" قبل عقد من الزمن .
المسألة ليست مسألة كرامة شعب وعزة وطن بقدر ما هي مسألة عقيدة وطنية للمحافظة على استمرارية الشعور بالكرامة والعزة لدى الإنسان .. لذلك يحق لنا أن نسأل : متى تتحرك فينا الكرامة والغيرة والرجولة كي ندافع عن أوطاننا ، ومقدساتنا ، وتاريخنا ، بل وشرفنا العام .. كم نملك من الشجاعة والوطنية كي نحصي عدد المستعدين للموت فورا دفاعا عن وطننا !
فإذا كان للقدس والأقصى رب يحميه ، وكوكبة من الصناديد المجاهدين الصابرين شيبا وشبانا ونساء يذبون عنه بأكف عارية وصدور غير مدرعة .. فمن لبقية الأوطان كي يحموها من الأعداء الذين يحلبون ضرعها ويحصدون زرعها كل يوم ؟
كم هو العدد الذي نحتاجه نحن هنا في الأردن مثلا ، كي نحمي به بلادنا من الأخطار ، ومن الفجار ، ومن الفساد والمفسدين ، ذلك السوس الذي بات ينخر في جسد الوطن .. حتى بات الجلد صافي البياض والجوف مدرك السواد ، والدمامل تتفجر هنا وهناك جرّاء جهل الأطباء وعجز الجراحين وأخصائيي التغذية عن معالجة الاختلالات ، و مداواة الأمراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، و حسن التدبير في توزيع الثروات والغذاء المناسب .
يبدو أن زمن الأحذية أصبح هو سيد المرحلة ، ليقاتل من طفح كيله بالحذاء في زمن عزّ فيه الغذاء والدواء والأمن وحنان الدول ورعايتها .. فهل نستعد ، ونحتاط على مخزون من الأحذية بالرغم من غلاء أسعارها ، كي نقاتل فيه دفاعا عن بلادنا ومقدراتنا وحقوقنا .
كل عام وعافيتكم ووطنكم ومستقبلكم بخير.
Royal430@hotmail.com