القبضات تتسيد الحوار في الجامعات !؟
ايمن خطاب
17-05-2007 03:00 AM
كنا يانعين ذات سنوات خلت ، اجتمعنا في " اليرموك الجامعة " كطلبة ، فينا القادم من الياروت ، واخر من المخيبة الفوقا ، وثالث من " عبدون " ، المقتضيات تطلبت تكوينا مجتمعيا جديدا ، نتيجته طيلة سنوات الدراسة ، ان احدث ابن " البدواة " اثره لدى " الفلاح" القادم من سهل حوران ، من حيث العادات والتقاليد ، سواء في السراء او الضراء ، والنخوة والشهامة ، واكتسب الثاني وفق منظور تبادل الخبرة ، من الاول ، الامر ذاته ، من حيث معنى ان تكون فلاحا ، عاشقا للخضرة والجمال ، وحب الارض والانغراس عشقا في ترابها ، والحال اندرج على " ابن عبدون " الذي ربما خاض غمار صراع اسري قبل ان يبدي موافقة على الانضمام لصفوف " جيش اليرموك " بعد ان كانت حجته " يا بابا لا يمكن اروح اربد " لكن تحت وطأة الحاح " الماما " وعدم قدرتها على استقبال " الخميس " من كل اسبوع دون رؤيته ، خر ساجدا وموافقا على مضض .بضعة اشهر انقضت ، حتى كان ابن عبدون بفعل الفرض المجتمعي الذي لابد له من التعاطي معه ، ان انخرط " متظاهرا " استجابة لمطلبيات جمعيات طالبية ، وجدت في زيادة ربما لم تتجاوز" 20 فلسا " على وجبات الغداء في كفتيريا الجامعة الرئيسي ، ارهاقا لاوضاع الطالب المعيشية ، تمس قدرات والديه ، وتدرج الحال لديه ، واصبحت الماما والبابا " شلونك يابا وشو بتساوي يمّا !! وتمازج المجتمع ببعضه البعض ليعكس من هو الاردني .
انذاك التقينا على موائد الحوار ، والمائدة بالمناسبة ربما كانت عامودا اسمنتيا ، او شجرة نخيل تجميلية لا ثمار تكسوها ، جمعت " ما هب ودب " تحت ظلها ، ومن وضعت غمامة حول عينيه " بطبيعة " وطن اسمه الاردن ، بمشاكله والارهاصات التي يعاني منها ، فرضت الوقائع عليه التعاطي معها ، لانه بات ابن المجتمع الاردني ، فاختلط " توتو مع ابو خنانة " ومن ملك بيوت القرميد ، مع نظيره ممن باع ولي امره عنزاته ، واستكان لبيت الشعر في سبيل تعليمه .
انذاك ايضا كنا خير الممثلين لمجتمع اردني ، ينخرط في الهم ، ويتقاسم افراده الخبز وكل شيء ، من سنحت له الظروف ان تكون وجبة غدائه دجاجه بفعل ظرف مادي جيد ، اختار ان يكون شريكه فيها ، من كان ظرفه ربما يسمح بوجبة " برغل " خالية من كل انواع الدسم ، واختيارها تم بفعل دورها في احداث نوع من الانتفاخ بالدسم ، وان كانت التبعات سيئه على صعيد التفريغ والتنفيس ؟؟ والغاية كانت بفعل فطري ربما ، الاستمرار في تشكيل افراد في مجمتع ، وفق منهجية " اذا اشتكى منكم عضو تداعت له سائر الاعضاء بالحمى والسهر ".
اللافت اليوم ، ان ذات الافراد في المجتمع الجامعي هم ابنائنا ، واشقاؤنا الذين كانوا يوما يلبسون الشورت المدرسي ، والمفترض ان ما تشربناه حينما كنا يانعين ، لا بد وان يكون له اثر في شخصياتهم ، بفعل التاثير الاسري ، وانخراط الصغير بالكبير والاكتساب مما لديه ، وان الخلافات مهما عظم شانها لا يمكن ان ترق بيوم من الايام الى مستوى التشابك بالايدي ، والتراشق بالحجر !!
ترى ما الذي تفتقت عنه الذهنية الفكرية اليوم ، لنرى ما يجري في الميدان من تطورات ، لغة الحوار فيها عصا ، وحجر ، وقبضة ، وانقضاض افراد عشيرة ( .... ) على افراد العشيرة الاخرى !!
ما جرى في السنين الخوالي ، لقاء لابن العم مع ابن عمه على وجبة عشاء ، ربما يفترقان عقبها في جانب الفكر والتوجه ، لكن تحت كل الظروف لم تصلهما انذاك ايدولوجيا التشابك بالايدي ، التي عمادها العصا والحجر والقبضات !
لست منظرا في الاسباب ، لكن ذاكرة الماضي ومقارنتها بالحاضر تعود بي الى ايام كنا يانعين ، في " اليرموك " التي هي بالمناسبة ، ليست الوحيدة في هذا المضمار راهنا ، وانذاك – أي الفترة التي نتحدث عنها - كانت تستقي تجربتها الايجابية من نظيرتها الاردنية ، وسارت على الخطى جامعات اخرى ، رسمية او خاصة تاسست لاحقا ، لكن الامور على ما يبدو تبدلت بفعل عوامل كثيرة ، ولاسباب وتداعيات ربما تكون كبيرة ، ترى ما الذي تبدل لنسمع كل شهر شجار" بين افراد عشيرتين " هنا ، وصراع اغار خلاله نفر على اخر هناك ، القاسم المشترك بين الجميع فيه انهم يشكلون مجتمعا جامعيا !!
ما بين الثمانينات والحاضر ، تبدلت الامور وان كان السياق الطبيعي لها يفترض ان يذهب باتجاه الافضل ، لكنها للاسف ، اتجهت نحو الاسفل ، تشريعات نصت على انتخابات طالبية ، لرئيس الجامعة الحق في تعيين 51 % منها ، واجراءات متصلة بمن يحق له الاقتراع ومن لا يحق له ، والتنظيمات " الطالبية " جهدها ممنوع ، وان اقتضى الحال تواجدها فهي جمعيات ترفيهية للرحلات والمعارض ، واللقاءات السياسية غير محمودة !!.
بالمقابل يصدر تصريح بين الفنية والاخرى عن مسؤول قد وزيرا للتعليم العالي ، او رئيس جامعة ، او حتى في التنمية السياسية ، ليطالب الشباب الاردني في محاضرة بعقر دارهم – أي الجامعة - كاغلبية صامته بالاشتراك في العمل السياسي !! معادلة ربما يعجز اينشتاين او ارخميدس وحتى فنطوس الذكي عن فهمها !!!
ayman65jor@yahoo.com