يواجه المجتمع الأردني الكثير من المصاعب التي يحملها الشعب على عاتقه. فيبدأ الشعب باتهام الحكومة بأنهم سببا لتلك المصاعب. عدم تطور الأردن قد يكون متعلق باتهامات الشعب للحكومة ولكن سبب اخر لتراجع الأردن هو تأثير المجتمع على أخذ القرارات. وأهم مثال على هذا التأثير المجتمعي هو توجيه الأبناء من قبل أولياء أمورهم لمجالات الطب والهندسة فقط. فازدياد عدد الأطباء و المهندسين سيزيد من مستوى البطالة، و سيقلل من فرصة المواطن في ايجاد فرصة عمل، لأن المتوفر هو مهندس أو طبيب فقط فأصبح هناك اشباع في السوق لهذه المهن.
فخريج جديد من المدرسة كان يحلم بأن يتخصص بمجال الفن والرسم، واخر كان يحلم بالموسيقى، وغيره يريد أن يصبح أكبر ممثل في هوليوود، وذاك يريد أن يفوز بلقب "Top chef". واخر يريد أن يصبح منتج أكبر أفلام الاكشن، وغيره يجد مهنة التعليم ممتعة، واخر يريد أن يفتح أشهر محطة كوميدية، واخر يريد أن يصبح أهم ناشط في الحفاظ على البيئة. وهناك الكثير الكثير من المجالات التي ربما لم تسمع عنها في حياتك ولكن الأكيد أن شخصا كان يرغب أن يتخصص بها ولم يسمح له.
هذه هي المشكلة، أن الأهل مضطرون أن يستخدموا حجة "بطعميش خبز" أو "عشان سمعة العيلة، وترفع راسنا" لغصب أولادهم بطريقة غير مباشرة على اختيار مجالات الطب أو الهندسة. فالمجتمع غيّر فكر الناس وجعلهم يظنون أن التخصص بأي مجال اخر عبارة عن عار أو للذكور على وجه التحديد "مش للزلام".
وبمجرد اقناع الأبناء باختيار التخصص المرغوب للاهل والمجتمع، سيشعرون بالاحباط وستخيب امالهم وتضيع أحلامهم بأن يكون لهم دورا في رسم مستقبل البلاد. وبعدما يفقد أمله، يرحل ويهاجر ليحقق أحلامه عند دول الغرب التي ستستفيد من قدراته. وبهذا يكون الوطن قد خسر هذه العقول والقدرات.
وهذا ما ينقصنا، تنوع مجالات العمل التي- بالنظر الى المستقبل- ستصنع وطنا يحتضن جميع من يشعر بالخيبة والعزلة والاختلاف وسيكون غني بالمبتكرين الذين سينهضون بوطننا الى بر تحقيق الأحلام.
وقبل أن أختم، تصديقا لكلامي، سأشارككم بقصة صديق لعائلتي أصر أهله على أن يدرس الطب، واستجاب لهم رغم ميوله لدراسة ادارة الأعمال والتسويق. وأنهى دراسة الطب وحقق أمنية والديه واتجه الى العمل في المجال الذي يرغب فيه.
رسالتي اليكم أيها الأهل الأعزاء أن تتفهموا رغبات أولادكم لأنها قدرات ستبني مستقبلا زاهرا للوطن وربما تظهر قدرات وابداعات تفيد الوطن والعالم.
فوزي الجوهري طالب صف 11 في King’s Academy