ذيبان .. لن تُسلِمَ الروح يا سادة
فلحة بريزات
12-05-2019 02:04 PM
تدخل ذات الحروف الخمسة هذه المرة ليلاً شديد القتامة، وسط صمت مكتمل الأطراف والحسابات، لكن المتمنيات بأن يكون سكوناً للمعالجة، لا تواطؤاً على مستقبل بلدة انتفضت من ضيم حاق بها عشرات السنين، لُتخصب وعياً جمعته على امتداد سنين وأد أحلام أجيالها أمام سيرة من المصادفات المرسومة .
تتحرك سيدة مؤاب اليوم مستنيرة بالتاريخ، ومستظلة بالجغرافيا لا بقرابة الدم، وهي ترى سخاء المؤمنين بشيطنتها، حين حكم على أحد أبنائها، وتجريمه وفق قانون فُصل استجابة لإرادة تكميم الأفواه التي تنمو جذورها، وسط فوضى القرارات، وحيث الخشية من أن يؤسس قانون الجرائم الإلكترونية للمواجهة مع سلطة هي المستقر، والملاذ الآمن لمن لا ملاذ له.
القضية لا تقف اليوم عند الناشط (صبري المشاعلة) وبما يحمله هذا الذيباني من هدوء مشتعل يكفي لإيقاظ قرى نائمة في لحظة، حين اختزل سنوات من الحرمان لمن ولدوا كهولا في بلدات توقفت أحلام أطفالها أمام من يضربون بكل الاتجاهات دون شمس من البصيرة لمآلات انفلات المشهد من عقاله .
إنها قضية قرى غير ظالمة لأهلها، يُطوقها تواطؤ الغارقين في هوة اللاوعي عن خواتيم التطرف في معالجة غضب مشروع أوجدته سياسات الاستعلاء والإقصاء للمخزون الأردني الأصيل تحت مبررات رفعوها الى مصاف الحقيقة لتمنحهم مشروعية خيط أكفانها بثوب من النزاهة والبراءة.
ذيبان التي تغاضت مختارة عن غياب العدالة، وتعالت على إخفاقات من صموا الأذان عن عقلانيتها الوازنة، تقف اليوم مطولاً أمام ذلك الضمير المستتر الذي يتفنن في تقدير المسافات في الظلام، حتى لا تبصر النور، وتبقى رهينة الفقر، ولوثة المخدرات والكرم المقنن الذي يطل عليها بين حين وحين، وفقاً لشروط واملاءات أوجدت السبب وعاقبت على النتيجة.
وحين نكتب عن ذيبان؛ فإن في المشهد سيدة كاملة السجايا قابضة على جمر الغضب، غضب من غياب التنمية وشح الامكانيات ، وفلسفة رسمية عميت عليها الأنباء لتصر على تسطيح مشاكلها، وتقليم أظافرها؛ لحرفها عن سكتها لتبدو وكأن الشر يسكنها، ومع هذا وذاك ؛ فإن يقينها بفلذات أكبادها كبير؛ بأن يسدوا كل محاولات إزاحتها عن مسارها والعبث بوطنيتها.
فذيبان يا سادة .. لا تحركها سفارات، ولا تمتطي صهوتها الصفقات. هي بقعة من قمح وهيل يدمي قلبها الوجع ويسفك دماءها الخذلان . فهل تكفوا عن زعزعتها طالما كففتم يدكم عن جروحها مبكرا، بأمل قادم أن يمنح الوقت الزمن للملمة جراحها حتى تظل شعلة تحمل مصابيح الإشراق والتنوير الى جانب شقيقاتها في المعاناة ومن أُقفلت بوجوهم الأبواب على امتداد بقاع الوطن الأشم.