التعديل الأخير وفكر الرئيس
المحامي هيثم منير عريفج
11-05-2019 05:09 PM
ليس منا من لا يعلم ان الاردن يمر بمرحلة دقيقة جدا من حيث الظرف العالمي بما فيها ضغوط ما يسمى بصفقة القرن ، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المتدهور ، وما نتج عن السياسات المتعاقبة من فقدان للثقة الشعبية و انهيارها ، مما سمح بتجاوز بعض محتجي الحراك و المعارضة لكافة السقوف دون مراعاة المخاوف السابقة المتعلقة بالأمن وهو أمر يحدث للمرة الاولى و لا يمكن تجاهله او تجاوزه في مرحلة دقيقة كهذه .
في ظل كل هذا تاتي تصريحات و برامج حكومة الدكتور الرزاز لتنقلنا الى مسلسل اخر من فقدان الثقة ، اذا غالباً ما نكون امام تصريحات و بيانات و معلومات تحاول تجميل و صورة الواقع و دور الحكومه بطريقة غريبه غير مبنية على اي واقع ولا تحتاج الى خبير لاكتشاف زيفها و ركاكتها.
فتأتيك ارقام الحكومة التي تظهر تطورات و نقلات متسارعة تضعنا في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا و اداريا ، وكأننا نعيش في بلد آخر، بينما الاقتصاد يعاني حالة غير مسبوقة من الركود والانهيار ، تغلق الشركات و المطاعم و المحلات لعدم القدرة على تسديد الالتزامات، وتفرض المزيد من الضرائب و الرسوم على مختلف القطاعات لتنهي اخر ما تبقى من قدرة لها على الاستمرار و العمل ، فيصبح خيار انهاء الأعمال و الرحيل الاقل ضررا .
بعد كل هذا يقرر الرئيس إجراء تعديلات وزارية متكررة هدفها ان تريح الشارع ولو نفسيا لفترة بسيطة ، الا انه و بطرقة غير مفهومة يقوم بالتمسك بوزراء ضعيفي الأداء ومنتقدين شعبيا وقد فقدوا ثقة المواطن و بدى اداؤهم هزيلا و يقوم بإخراج وزراء آخرين دون منطق مفهوم لسبب اختيارهم دون غيرهم .
قبيل رمضان بدأت الحكومة بسلسلة اجراءات هزيله هدفها بحسب التسريبات امتصاص الغضب الشعبي خلال شهر رمضان ، كون الحكومة تخشى من ازدياد الاحتجاجات خلال الشهر الفضيل ، وكأن حكومتنا ترسل رسائل للجميع انه الوقت المناسب و ان الحكومة في أضعف الحالات و انها تخشى القادم ، مما يعطي المعارضة مزيدا من الزخم و القوة و ينبه من لم يعي ذلك انه الوقت للخروج الرابع لإنهاء ما تبقى من حكومة الرئيس .
وتأتيك درة تاج الرزاز بإجراء تعديل في وقت حرج من المفترض انه يهدف الى منح الرزاز الفرصة و إراحة الشارع و امتصاص الغضب ، الا ان الرئيس و دون سبب مفهوم يأتي بوزير محافظ يختلف نهجه مع خلفية الرئيس ، ومرفوض شعبيا ، بل شخصية معروف انها ستقوم بتأزيم الشارع و قد تؤدي التصادم.
لم يكن خفيا على أحد ما سيحدث على الرابع في ذات الليلة التي دعى الحراك و بعض القوى السياسية الى التجمع خلالها ، وكان توقيت الرئيس يوحي برغبة في إشعال الامور ، فكيف لك ان تختار يا دولة الرئيس يوم الخميس لصب الزيت على النار وانت تعلم عواقب الاسماء التي أتى بها التعديل .
النتائج ظهرت و بتسارع بعد ساعات من التعديل الأخير،مزيد من الاحباط ، مزيد من الاعداد على الرابع ، السقوف عالية جدا . الترتيب لاستمرار الاحتجاجات.
المطالب رمضان الحالي لن تكون برايي كما في رمضان الماضي . ولن تتوقف عند رحيل الحكومة، فهذه تجربة جربها الشعب قبل عام و انتهت الى غير رجعة ، الامور مختلفة و المطالب مختلفة.
الحل هو استقالة سريعة للحكومة و حل مجلس النواب و تشكيل حكومة انتقالية تعود عن قانون الضريبة والقرارات الاقتصادية التي تسببت بالركود الذي نعاني منه، ومحاسبة سريعة لكبار الفاسدين و تقديم الاسماء الحقيقية الكبرى للمحاكمة .وتضع برنامج زمني لتصور اقتصادي من خبراء أردنيين قادرين على حل الأزمة الاقتصادية وتصدر قانون مؤقت للانتخاب و تجري انتخابات لتشكيل حكومة برلمانية ذات ولاية عامه.