رمضانُ بحقٍّ .. أم مجرّد طقوس؟
د.يوسف صفوري
11-05-2019 01:08 PM
مشهدٌ يعود علينا في كل عام
فترى العصائر على ضِفاف الشوارع وصاحب البسطة منهمكٌ في عصر البرتقال الطازج والشمس تأكل من رأسه ومن عبوات العصير الممتلئة .. !!
وصوت الأذان يدبُّ في الأرجاء عالياً يباغتُ مَن في الشوارع قُبيل وصول منزله وله نصيبٌ من ذلك التمر والماء من ذلك الشاب يوزعها عند الإشارة الضوئية ..
وتلك الجلسة الروحانية في المنزل على سُفرة الإفطار تغمرها الملائكة و وجه الأمّ الملائكي .. وذلك المقعد فارغ يذكّرنا بمن فارقنا من الأحباب فقد كان ممتلئاً في سنين سابقة ..
و الأنوار تزيّن الشوارع والأبنية بزينة رمضان إذا ما أقبل الليل، وهلال رمضان يعتلي السماء في مشهد روحاني في الطريق إلى المسجد لقيام الليل ..
هكذا تَعُودُ المشاهد علينا في كل عام وليست مقتصرة على رمضان؛ فكل وقت في السنة له طقوسه الخاصة به ..
ولكن !!! هل من تأثيرٍ في أنفُس البشر وأفعالهم؟ أم أنها مجرد طقوس تنتهي بمجرد انتهاء ما يستدعيها؟
هل نعيش رمضان بما يستوجبه من صحيحِ التعامل والأخلاق والأفعال ؟ أم أنها مجرد بَهْوَرَة تنتهي بانتهاء هذا الشهر الفضيل؟
وفي مشهد يكاد يغني عن كل المشاهد بما يدلل لنا أنها مجرد طقوس ولا تُغيِّر أقل ما يأمر به ديننا الحنيف لا برمضان ولا بغيره .. !! ذلك الأذى الذي يقتحم الهواء من رائحة كريهة تخرج من ذلك الفم حولك بما يحرك رغبتك في القيء وإن كان لا شيء بمعدتك والحُجّة بسيطة: ( لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْد الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ) .. !!
ذهَبَ الصيام وذهبت الحُجّة ولا زال الأذى لا بل تَصِلُ الرائحة أوجها إذا ما اختلطت برائحة تبغ السجائر تداعب الهواء مِن حولك في قيام الليل بما يجعل عندكَ الرغبة في انتهاء الصلاة بأسرع وقت بدلاً من الاستشعار بروحانيتها .. !!
ذهب رمضان وذهب الصيام على أكمل وجه ولم يتغير شيئ .. !!
( فالدين الأخلاقُ و المُعاملة ) بأبسط أساسٍ له ولا زلنا عاجزين عن تطبيق أبسطها. !!
واضرِب ما شئتَ من الأمثلة من جواهر الأمور بما يُدلّل لك أننا عاشقين للطقوس ليس إلا .. !!
فقد باتَ رمضانُ في حياتنا تحكُمهُ العادات والتقاليد أكثرَ مِمّا يحكُمهُ دينُنا الحنيف. !!
فإلى متى؟