منذ أن أطلق سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد حفظه الله، مبادرة "ض" الهادفة إلى الحفاظ على مكانة وألق اللغة العربيّة وتطوير تقنيات تمكينها رقمياً وإثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، على سبيل إنشاء وتعزيز عدد من المنصّات للتواصل باللغة العربية، واستخدامها في جميع مجالات الحياة العملية والعلمية والتكنولوجية، فقد تشرّفت بالمشاركة وثلة من العلماء الأجلّاء ورعاية فعالية الندوة المتخصصة في هذا الشأن وبمبادرة كريمة من مدرسة بنات حرثا الثانوية وبالمشاركة مع جمعية حرثا الخيرية وبلدية الكفارات في لواء بني كنانة والتي تصبّ في فحوى مبادرة "ض":
1. جاءت المبادرة للمحافظة على اللغة العربية وكنتيجة للحاجة الماسة والضياع التي تعيشه الأمة العربية -مسلمون ومسيحيون- لفقدان هويتها كنتيجة لضحالة إستخدام لغتها الأم في المجالات العلمية والتعليمية ومنصات التواصل الإجتماعي والمحافل الدولية واللغة البينية بين الشباب الذي بات يتحدّث الإنجليزية والعربيزي وغيرها أكثر من لغته الأصيلة.
2. بالرغم من كل نقاط القوّة التي تمتلكها لغتنا العربية والتي تتمثّل في أنها لغة القرآن الكريم وينطق بها قرابة 440 مليون واللغة السادسة التي تم إعتمادها بالأمم المتحدة وكلماتها أكثر من 12 مليون كلمة أي قرابة عشرون ضعفاً للغة الإنجليزية وأنها اللغة الوحيدة التي تتفرّد بحرف الضاد وحروفها من أجمل الحروف وجذورها تتعدّى 16 ألف جذراً وتستخدم حروفها بعض لغات العالم وميزات أخرى فريدة، بالرغم من ذلك كله بدأنا نلحظ تراجعاً ملموساً في إستخداماتها بين أهلها وغيرهم لأسباب كثيرة.
3. مطلوب التركيز على جيل الشباب لإطلاق برامج فاعلة وعمليه لهم لغايات التحدّث والكتابة والقراءة بالعربية دون سواها أو على الأقل لجانب غيرها من اللغات، فشباب اليوم يعانون كثيراً من ضعف في اللغة العربية في نحوها وصرفها وكتابتها وقراءتها وحتّى نطقها بالفصيحة وغيرها.
4. نحتاج اليوم وقبل الغد لتعزيز إستخدامات اللغة العربية في كافة المناحي وإلّا فإننا نساهم وحتى نسعى في خرابها وإندثارها بين أبنائنا من الجيل القادم، فالخطورة تكمن في إدخال مصطلحات دخيلة عليها أو خلطها في غيرها من اللغات أو المصطلحات وخصوصاً بين جيل الشباب الذي سينقل هذه اللغة إلى أبناء الجيل القادم.
5. الأمن اللغوي في خضم عولمة اللغات بات ضرورة هذه الأيام خوفاً من أن تشيخ لغتنا أو نبتعد عنها ونستخدم غيرها، والأخطر ربما تزاحم اللهجات والعاميات والألفاظ الدخيلة وغيرها والتي باتت تشكّل تهديداً وحتى عدواً لهذه اللغة.
6. نحتاج لإستراتيجيات وسياسات فاعلة وعملية عربية بإطار موحّد للحفاظ على لغتنا ومبادرة سمو ولي العهد تندرج في هذا المضمار، كما نحتاج لمزيد من الفعاليات والمبادرات الفردية والمؤسسية التشبيكية التي تعزّز مبادرة "ض" في هذا الزمن التاريخي والمفصلي من عُمر الأمة.
7. نحتاج لإطلاق العنان لمبادرات تعزز إستخدامات اللغة العربية على الأرض في المناهج الجامعية وكلغة علمية، وكذلك في البحث والتطوير والكتابة والتعبير والأدب، ونحتاج من المؤسسات كلها أن يكون لديها منظومات تكنولوجية وتواصل إجتماعي وغيره باللغة العربية، ونحتاج لمنصّات تواصل بالعربية من ألفها ليائها، ونحتاج لأن يكون حضور للغة العربية في المؤتمرات والمحافل الدولية، وغيرها من الأفكار.
8. تشرّفت بإطلاق مبادرة "الإبداع بلغة الضاد" على مستوى لواء بني كنانة، لتصبّ هذه المبادرة في خضم الجهد الجمعي المترادف لمبادرة "ض"، والتي بموجبها يتم وضع أسس وإطار ممنهج لمسابقات أدبية بأنواعها على الإطلاق وتعزيز عطاء وإبداع الشباب المتميزين أدبياً وعلمياً والتركيز على ذوي الحاجات الخاصة والأيتام والفقراء وغيرهم من الفئات، وسنسعى بحول الله تعالى لمأسسة هذه المبادرة الإبداعية لتكون عرفاً سنوياً لدى الشباب.
9. نحتاج جميعاً بأن نؤمن بضرورة الحفاظ على لغتنا العربية "لغة الضاد"، ونحتاج لتشبيك مؤسسي في هذا الإطار، ونحتاج لنمارس ذلك على الأرض من خلال مبادرات نوعية يشار لها بالبنان.
بصراحة: مبادرة "ض" يعوّل عليها الكثير لكبح جماح الهجمة الشرسة والتغوّل والتشوية وغيرها من السلبيات التي تتعرّض لها لغة الضاد، وواجب وطني وعروبي وأممي على كل فرد ومؤسسة وفق إختصاصهم المساهمة بمؤسسية وليس فزعوية فقط للمحافظة على اللغة العربية التي باتت تأنّ وتنزف وتتألّم، فهل من مستجيب!
صباح الوطن الجميل