بين وزارة الاقتصاد الرقمي والقوانين الرقمية
المحامي اسامة البيطار
10-05-2019 05:49 PM
* تسجل لحكومة د.عمر الرزاز في ظل السخط من التعديل
في الحقيقة راقت لي كثيرا تغيير مسمى وزارة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات الى وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة ولأنني من المشتغلين بقطاع حماية حقوق الملكية الفكرية منذ سنوات طويلة وادرك اهمية القوانين الرقمية بحكم الاختصاص اود ان اوجز بمقالتي هذه اهمية هذا التحول الايجابي الحكومي والذي اتمنى ان يكون فعلا وحقيقة لا مسمى جذاب فقط ! والذي اعتبر هذه الوزراة بهذا التحول على وجه الخصوص تحسب للحكومة وللتعديل الحكومي ، ولست هنا بالحديث عن دستورية المسميات فاتركها للحكومة نفسها للدفاع واجهزتها القانونية المسؤولة ؛ ولكنني بصدد ابراز اهمية هذا التحول والارتكاز عليه لاردن يسعى الى مستقبل يحتوي فيه كل العناصر الشابة الاردنية والطاقات الكبيرة الموجودة فيه مع خلق الدعم الحقيقي لمشاريع الريادة التي تشكل حماية الملكية الفكرية الارضية الاساسية لبناء اية مشاريع ريادية ، وبدون فهم افقي للملكية الفكرية واهميتها في التنمية والاستثمار ودعم الابتكار تكون الريادة ومشاريعها حبرا على ورق او في احسن احوالها مجرد مشاريع هشة أيلة للسقوط او الغلق في اي وقت .
من المعروف ان قوام الاقتصاد الرقمي وفي ظل الغاء الحواجز الحدود وامام تدفق البضائع والسلع المختلفة وتحرك رؤوس الاموال التي تبحث عن نقاط امنة للاستثمار يقوم في مجمل عملياته على المعلوماتية ، ويستند في أغلب خطواته على استخدام تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، وهي تعتمد على العقل البشري على خلاف ما يعتقد كثير من الناس انها التحول للألة والاستغناء عن العنصر البشري ،والفروقات العديدة بين الاقتصاد الرقمي والتقليدي تحددها حدود المنافسة من القومية الى العالمية ومن خفض التكاليف الى الابتكار والقدرة على التكيف مع الاوضاع كميزة تنافسية ولان الاردن يفتقد نسبيا للمواد الخام ورأس المال الطبيعي تبرز اهمية رأس المال الانساني والعنصر البشري الشاب والذي اثبت عبر التجربة ان العنصر البشري الاردني هو اساس الكفاءة ومصدر القيمة .
الرابط بين القوانين الرقمية والاقتصاد الرقمي روابط وثيقة ولا استبعد يوما ان تصبح وزارة العدل عندنا ((وزارة عدلية رقمية )) بالفعل وليس المسمى ونحن اليوم نلمس كمشتغلين بالتقاضي التحول الكبير في العدالة وتحولها الى محتويات تكنلوجية فاعلة تؤدي الى العدالة الناجزة الى حد ما مقارنه بالسابق وتواكب التطورات التكنلوجية الكبيرة، و تشكل حماية حقوق الملكية الفكرية الاساس الذي اتحدث عنه والقوانين الرقمية بابسط تعريف لها هي على سبيل المثال لا الحصر عدم استخدام برامج القرصنة أو سرقة هوية أشخاص آخرين، وتركيز الوعي بعدم مشاركة المحتوى الرقمي الذي يحمل حقوق طبع ونشر الاخرين والوعي بعدم اختراق الأنظمة والحواسيب الخاصة بالأفراد أو المنظمات او المؤسسات الحكومية ، و الإطلاع على القوانين والعقوبات في مجال نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، ويقابل كل ذلك التجارة الاكترونية التي تتمتع بمميزات اشبه ما تكون خرافية ان مكنت هذه الوزراة الجديدة -فعلا - مجتمعنا الشاب من قدرة التحول اليها والاعتماد عليها بعيدا عن التجارة التقليدية حيث تشكل حجم وعوائد التجارة الاكترونية مئات البلايين من الدولارت ولا ابالغ ان قلت ان موقعا الكترونيا واحدا قد يعادل قيمة عوائده السنوية ما يفوق خمسة شركات اردنية مجتمعه مثل الفوسفات والبوتاس والاسمنت والاتصالات والملكية الاردنية بموجوداتها مثل (AMAZON) التي تأسست بمرآب من قبل Jeff Bezos و موقع (JINDONG) الصيني الذي يحتوي على اكثر من ربع بليون مستخدم وعوائد اكثر من 15 بليون دولار سنويا ، وموقع علي بابا الذي اسسها Jack Ma’s الذي تم طرده من اكثر من 30 وظيفة في بداية التسعينات ، وغيرها الكثير من المواقع الاكترونية المشهورة والتي لولا وجود بيئة قانونية أمنة و داعمة لما تمكنت هذه الشركات من احتلال العالم في مجال التجارة الاكترونية .
ان وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة خطوة في الاتجاه الصحيح في مجتمع يبحث عن الريادة والريادين كمستقبل لشبابه الباحث عن فرص عمل ولا بد من التشبيك مع باقي المؤسسات والتوعية بأهمية تكنلوجيا المعلومات او الاقتصاد الرقمي دون اغفال الجوانب القانونية واهمية حماية حقوق الملكية الفكرية بكافة تفرعاتها .
المحامي
اسامة موسى البيطار
خبير قانوني متخصص بالملكية الفكرية