نقاط في أجندة كل الحكومات
د. عامر السبايلة
27-09-2009 02:36 AM
قد يشكل تغيير الحكومات من فترة إلى أخرى ظاهرة صحية و قد تمنح فرصة لتصويب الأوضاع أو إنقاذ مشاريع أو تغيير سياسات تؤدي بالنهاية للحفاظ على النتائج الايجابية للعملية التنموية ، إلا أن بعض الأمور الأساسية يجب توفرها واستمراريتها في أجندة كل الحكومات سواء أكانت حكومات سياسية أو اقتصادية أو حتى حكومات تكنوقراط و إلا اختفت ضرورة التغيير و التعديل.
إن الهدف الأساسي لأي حكومة هو الحفاظ على استقرار المجتمع وضمان مستوى معيشي مناسب للمواطنين والحفاظ على حقوقهم وعدم التلاعب بمقدراتهم وقوتهم واستغلال ظروفهم والأهم عدم التحايل عليهم واعتبارهم من الأميين الذي لا يقرؤون و يكتبون أو حتى من أولئك الذين لا يعوون.
والسؤال الذي يجب أن يتم طرحه على الحكومة من أجل قياس مدى نجاحها في إدارة سياسات الدولة هو طبيعة تطبيق مبادئ العدل الاجتماعي و كيفية الحفاظ على الطبقى الوسطى و توزيع الثروة الطبيعية بحيث لا تصبح الثروة ملكاً للقلة بل حقاً للكثرة.
لا أنكر أني من أشد المعجبين بجواب المؤرخ الروماني "سولون" والذي اجاب به عندما سُئل عن أفضل الحكومات حيث قال: " لمن..؟ وفي أي زمان؟ "
إلا أننا نؤكد أن اختلافات الأجندات الحكومية والأولويات التي تستدعي تشكيل الحكومات لا يجوز أن يُسقط ضمان الحريات الأساسية و التي لا تستكمل الديمقراطية وجودها إلا بها, وهم بلا شك : ضمان حرية الفكر باختلاف أنواعه وتعدد اطيافه, حرية الكلمة والنقد واعتبار أن النقد البناء هو أساس الإصلاح ، حرية الصحافة بحيث تكون منبراً وانعكاساً للواقع بحيث تساعد على الوقوف على الأخطاء وتقديم الحلول لها, ويجب التركيز على ضمان حرية الفرد في صنع مستقبله واختيار وتحديد مكانه بالمجتمع وذلك لا يتم إلا بإعادة النظر بكثير من الممارسات التي تفرض على الإنسان نوع ونمط حياة قد لا تتناسب مع قدراته ورغباته.
إذا ما نتمناه هو أن تكون الحكومة بحكم وظيفتها التاريخية والسياسية الأداة التي تحقق سيادة المجتمع على مصادره و ثروته و قوة اقتصاده وبذلك نضمن عدم السقوط في الفخ الذي كان قد حذر منه المفكر المصري عصمت سيف الدولة, و هو وجود التناقض بين إرادة الشعب في توظيف كل الإمكانات المادية والبشرية المتاحة في وطنه و بين " واقع" أن بعض أو أكثر تلك المكانان مسلوب أو مغتصب.
من هنا فان أولويات الحكومات المختلفة يجب أن تكون واحدة بغض النظر من هو الشخص الذي يرأس الحكومة, فان لنا أن نخرج من صورة الفرد إلى صورة المؤسسة و التي تبقى حتى في غياب الشخص.
فبعد سنوات من التغيرات و التبديلات التي تشهدها الدولة الأردنية تؤكد هذه السياسة على عقمها و عدم فعاليتها, بل تخطت ذلك واصبحت من العوامل الرئيسية للتحولات الخطيرة التي يشهدها المجتمع الأردني اليوم من انهيار للطبقى الوسطى واهتزاز منظومة القيم الأخلاقية وما تبعها من نتائج تشهدها أخبار الساحة الاجتماعية كحالات الانتحار المتكررة والارتفاع الملحوظ بنسب جرائم الشرف والقتل و حتى الصراعات العشائرية.
فلا اعتقد أنه كان في أجندة أي من الحكومات مفهوم العدالة الاجتماعية وأن الحكومات لا يجب أن تنسى دورها الرئيسي في الحفاظ على مواطنيها, لذلك لا أعتقد أن مفهوم التغير بصورته النمطية اليوم يملك أي تأثير على أرض الواقع فهو لا يعدو أن يكون بمثابة الفرصة لكثير من الأشخاص الذين تملئ أسماؤهم لائحة الانتظار للدخول إلى نادي أصحاب المعالي.
د. عامر السبايلة
الجامعة الأردنية - كلية اللغات / قسم اللغات الأوروبية
amersabaileh@yahoo.com