ست سنوات أمضاها معالي الاخ دكتور نوفان رئيسا لديوان التشريع والراي متربعا على قمة الهرم القانوني في الحكومة كان فيها مثالا لرجل الدولة القانوني الملتزم العارف بهموم الوطن والمتفائل دوما بمستقبل الاردن وشبابه ،
تزاملت واياه إبان حكومة دولة الدكتور عبدالله النسور كنت فيها وزيرة للتنمية الاجتماعية وعضوا في اللجنة الوزارية القانونية وفِي مرات عديدة كنت وزير العدل بالوكالة اتراس اجتماعات اللجنة الوزارية القانونية مما أتاح لي العمل عن كثب مع معالي دكتور نوفان في مراجعة التشريعات بأنواعها المختلفة ليصار بعد مناقشتها وإجراء تعديلات و/او تغييرات عليها رفعها لمجلس الوزارء لاقرها كمشاريع قوانين او أنظمة صادرة عن مجلس الوزراء .
اسوق هذه المقدمة للدلالة على ان ما أقوله حول دكتور نوفان ينبع من تجربة شخصية مباشرة تعاملت فيها مع شخصية مهنية قانونية فذة على دراية تامة بما يحيط بعملية إصدار مشروع قانون من متطلبات ليست فقط قانونية وانما ايضا إدارية ومنها اهميةً الربط مع القوانين الاخرى والاخذ بعين الاعتبار التحديات والعوامل المؤثرة في العملية التشريعية ، فالتشريع مرآة للمجتمع ولا يمكن صياغة نص قانون بمعزل عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية منها والا اصبح النص حبرا على ورق لا فائدة منه لانه لن يطبق . لا تكفي الصياغة لنص بشكل محكم ، فالاهم هو البحث في كيفية تطبيق النص القانوني على ارض الواقع وتعامل النص مع معطيات الحياة، وهذا امر كان دكتور نوفان يتقنه مما جعل العمل في اللجنة الوزارية القانونية متناغما يجري بسلاسة ويسر . فالتوازن الذي يمثله دكتور نوفان كان بين فريق من الوزراء أعضاء اللجنة القانونية الوزارية يطالب بان ياخد النص القانوني وأي نص بمعايير حقوق الانسان ومستجدات الحياة المعاصرة كل مرة وفريق يلتزم بمبدأ سيادة القانون بشكل لا يحيد عنه ابدا وفريق ثالث ملتزم بوضع مشاريع القوانين كما تاتي من الجهة صاحبة مشروع القانون بدون تعديل او تغيير . امكانية تحقيق هذا التوازن كانت لوجود رئيس لديوان التشريع والراي يتمتع بالمرونة في التعامل مع المستجدات وفِي نفس الوقت لديه معرفة قانونية ثابتة متجذرة بالتشريعات وعلى دراية عالية باليات عمل اجهزة الدولة كافة .
اذكر عندما قرر البرلمان تخفيض سن المسائلة القانونية للحدث من سن ١٢ ( كما كانت مقترحة في مشروع قانون الأحداث أنذاك ) وكم أمضينا بمعيّة دكتور نوفان وقتا عصيبا في النقاش والحوار لنتمكن من إقناع البرلمان بإعادة رفع السن ل ١٢ عام . ولا انسى موقفه الداعم عند وضع نظام للإشراف والرقابة على مراكز دور المعاقين التابعة للقطاع الخاص وما رافقه من اعتراضات ومطالبات لاصحاب المراكز وقد تم مراعاة مصلحة المستفيدين وتم الاخذ ايضا بالاعتبار مصلحة اصحاب المراكز في صلب النظام ،
وفِي مجال دعم مطالبات المجتمع المدني فانه يعود لدكتور نوفان الفضل الاكبر في دعم مبادرة محاميات نحو التغيير والمكونة من عدد من المحاميات تطالب بوضع قوانين احوال شخصية للطوائف المسيحية التزاما وانسجاماً مع التعديلات الدستورية النافذة .
يعود دكتور نوفان اليوم لعمله كمحام وعضوا لهيئة التدريس في كلية الحقوق في الجامعة الاردنية وقد خدم وطنه بكل امانة، أقول له الحمد لله على السلامة فقد كفيت ووفيت وننتظر منك اثراء مهنة المحاماة بما لديك من معرفة كبيرة ، واقول لطلاب الجامعة الاردنية هنيئا لكم لان من سيقوم بتدريسكم القانون الاداري والفقه الدستوري هو خبير وصاحب تجربة ثرية قل مثيلها ، واستحضر في هذا المجال شهادة زميل لنا اذ قال معالي د. نوفان يشكل مدرسة قانونية وفقهية ولا أعرف من هو أعلم منه في الفقه الإداري والدستوري. والله ولي التوفيق
وزيرة التنمية الاحتماعية الأسبق