قبيل التشرف بلقاء جلالة الملك في قصر الحسينية مع مجموعة من السياسيّين ، كتبت على صفحتي الفيسبوكية توقّعاً بنيتُهُ على تحليلٍ للتصريحات الملكيّة المتتالية بأنّ تريند " قبول إستقالة " سيتصدّر المشهد .
و تعززت لديّ هذه القناعة لدى اللقاء الملكي ، إذ حملَت عبارات جلالته توجيهاً نحو ( المهننة ) و أوحت بحزمة الإزاحات و المفاضلات التي شهدنا بعضاً منها فيما بعد و التي سعت لتجنّب التشويش أو تقاطع الإختصاصات على مستوى السلطات الدستورية و كذلك المؤسسات بما يشبه إعادة ( ترسيم الحدود ) .
و في تصريح دولة رئيس الوزراء المتعلّق بالتعديل ما يشير لإستتباع الخطى الملكيّة على ذات الوتيرة و إختيار القدرات الأكثر مناسبة لطبيعة المتطلبات .
الآن ، و في سبيل التماشي مع الثورة الملكية البيضاء ، على الجهات كافّة أن تضطلع بمسؤولياتها ، فنحن بالنسبة للتغييرات العليا متابعون ، أمّا في التنفيذيّ فنحن فاعلون .
و على هدي المتغيرات ، بات لزاماً على النقابات أن تلتفت أكثر لأدوارها القانونية بتحسين واقع الخدمات المقدمة لمنسوبيها و تعزيز نوعية القدرات لديهم ، و على الأحزاب أن تفرج عن طاقات كوادرها لمنحها الفرصة في إثراء مسيرة العمل الحزبيّ عبر التخلّي عن إحتكار مقاعد الأمانة العامّة و الهيئات المركزية التي تجاوزت عضويات بعضها العشر سنوات ، و أن تحسن إستعمال الأدوات التقنية في إستقطاب الجماهير إذا إمتلكت من الفكر و البرامج الواقعية ما يمكنها من ذلك .
و على الإدارات الحكومية أن تعزز الإنتاجية التي ثبتت إمكانيّتها في الشركات التي خُصِّصَت إذ إنقلب موظّفوها من حالة اللامبالاة إلى الإلتزام و الإنتاج ، مع إدراك أن إستثناءات فئاتٍ بعينها من منحنيات نظام الخدمة المدنية يشوّه الغاية منها و يمسّ بالمساواة الدستورية في الحقوق و الواجبات .
و على مجلس النوّاب في هذا الصدد أن يحتكم للمبادئ الدستورية في الإشتباك مع الحكومة بعيداً عن التجاذب غير المنتج و مراعاة أن الشراكة المطلوبة لا تعني التداخل في الصلاحيات و أنه ينبغي لها ألّا تهدر الأدوات الرقابية المتوفّرة ، فالشريك لا يملك حقّ الرقابة بل هو عرضة للمُسائلة .
أمّا المستوى الحكوميّ الأعلى ، فعليه أن يجد وصفة تمكنه من صنع المزيج بين قيادات التكنوقراط و تلك المُسيّسة مع الإنفتاح على المؤسسات المدنية الرديفة التي تعينه في البُعد التقييميّ ، و عليه - الآن و ليس غداً - التركيز على ملفّاتٍ تحتاج خصوصيّة و عُمقاً كإفراد وزارة متخصّصة بالرّياضة و أُخرى تُعنى بشؤون المرأة و الطفل و تكثيف الجهد لإعادة إنتاج هويّاتٍ و منكّهاتٍ وطنيّةٍ كانت موجودة ثم فُقِدَت كمسيرة الفنِّ و الأدب الأردنيّين ، و أن تتّبع مسطرة موحّدة ليس فقط في التعيين كما تعهدت و شرعت بل أيضاً لدى إنهاء الخدمات أو الإستثناء بالتمديد .
أمّا الإعلام ، فلا بدّ و أن يعيد تنظيم أولوياته بإبراز الإيجابيّ و فضح السّلبيّ دون مغالاة و لا تحيُّز ، فأمانته ثقيلة و رسالته نبيلة .
و على القطاع الشبابيّ المدعوم من السّدة الملكيّة و مؤسسة ولاية العهد أن يُخرِجَ المارد من داخله و أن يقدّم نفسه ليستكمل مسيرة التطوير و الإنجاز ، و الشواهد المشجّعة على ذلك كثيرة و متنوّعة .
حيّ على العمل ، فقد حان وقت النهوض بعد أن سيطر التشويه و التشويش على المشهد فأنتج وَهناً و إرتخاءً طال الهِمم و الأحلام .