ساعة ونصف بين بوتين وترمب وأخطر الملفات
د.حسام العتوم
08-05-2019 02:54 PM
ليست هي المرة الأولى التي تجرى فيها مكالمة هاتفية بين رئيسي الفدرالية الروسية فلاديمير بوتين والولايات المتحدة الامريكية دونالد ترمب، وسبق لهما ان التقيا سريعاً في ( بروكسل) عاصمة الناتو عام 2018 ، وفي فيتنام قبل ذلك عام 2017 على هامش مؤتمر التجارة العالمية، ومطولاً في هلسنكي عام 2018 أيضاً لترتيب العلاقات الروسية الأمريكية ولضبط اعمال الحقيبة النووية بين البلدين العملاقين والالتزام بالخط الساخن ، ودعوة سابقة لبوتين من قبل ترمب عام 2018 بعد موجة الطرد الدبلوماسي المتبادل اثر حادثة الجاسوس المزدوج سكريبال التي لم تتمكن لندن وواشنطن اثبات تورط موسكو فيها، وهي الحادثة التي تبعت اتهام واشنطن لموسكو بالعبث بانتخاب ترمب رئيساً لامريكا، وهو الأمر الذي أفشلته روسيا وأكدته في مؤتمر هلسنكي ودعت من خلاله بالتوجه للمحكمة المختصة. وموسكو لم تأخذ دعوة واشنطن الرئاسية بمحمل الجد، ولم يتم تبادل الزيارات عالية الشأن حتى الساعة بينهما، رغم الأهمية، وأقول هنا دائماً بأن ترطيب العلاقات الروسية الأمريكية وبالعكس تبدأ دائماً بتعزيز العلاقات الشخصية بين الرئيسين والقيادتين وحقيبتي الخارجية.
والحرب الباردة سارية المفعول بين امريكا وحلفائها وبين روسيا رغم رفض موسكو لها لا تلغي اقامة علاقات رئاسية شخصية، بل وعلى العكس تماماً فإنها تساعد على ضبط النفس حول أزمات العالم المختلف عليها بين روسيا (المعارضة)، وامريكا (السلطة)، في زمن تتمسك فيه امريكا بسيادة القطب الواحد وتدعو فيه روسيا لعالم متعدد الأقطاب ومتوازن ومتعاون، وفي وقت تخلق فيه واشنطن الأزمات الدولية تعمل موسكو على اطفائها وأخذ دور الدفاع المدني.
ومكالمة 3 أيار /2019 الرئاسية الروسية الأمريكية حسب ديمتري بيسكوف مدير المكتب الصحفي في الكرملين والذي نقلته وكالة سبوتنيك للأنباء، فإنها ركزت على أزمة كوريا الشمالية النووية والتي واجهتها امريكا ترمب بصلابة بينما حرصت روسيا على الحوار من خلالها.
كما تعرضت المكالمة لمسألة فنزويلا التي عبثت امريكا بأوراقها وشجعت على الانقلاب السياسي فيها بينما دعت روسيا من وسطها أمريكا الى عدم التدخل العسكري وللمحافظة على الشرعية السياسية، وتناولت المكالمة أيضاً ضرورة التوصل لاتفاق نووي روسي امريكي صيني وخاصة ما يتعلق بمنظومة الصواريخ متوسطة المدى.
والتفاصيل الدقيقة حول مضمون المكالمة الرئاسية الروسية الأمريكية الجديدة تبقى خلف جدران قصري (الكرملين) ، و ( البيت الأبيض) وجهازيهما الاستخباري ( F.C.B) و(C.I.A) . والأهم هنا هو ان نتساءل نحن العرب عن مكانة قضايانا الساخنة والتي في مقدمتها( الفلسطينية العادلة ، والجولان العربية ) في زمن نعرف فيه بأن صفقة القرن المشبوهة هي صناعة إسرائيلية أمريكية مشتركة ، ومن قبل دولتين فوق القانون، وبأن الموقف الروسي السياسي ينسجم مع موقف العرب بكامل عمقهم الايديولوجي ، وروسيا تقف علناً ضد صفقة القرن ومع حل الدولتين، ومع قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ومع تجميد المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية، ومع انهاء الاحتلال الاسرائيلي لأراضي العرب والعودة الى حدود الرابع من حزيران. وهو ما نرغب ان تسمعه واشنطن من موسكو مباشرة، ومن كل الزعماء العرب الذين يقابلونها هنا وهناك، وآن اوان عدم اعتبار امريكاVIP وسط العرب بسبب الدعم المادي ومنه الاقتصادي والعسكري، ونحن نعرف بأن اكبر صفقات امريكا الاقتصادية والعسكرية وقعت مع العرب وبرقم ملياري دولاري مخيف، كان اخر هذه الأرقام مع دولة عربية كبيرة واحدة حيث وصل الرقم الى حوالي 400 مليار دولار. وما يتعلق بهضبة الجولان السورية العربية وجب التوضيح لأمريكا بأنها لا تملك شرعنه الاحتلال الاسرائيلي للجولان ولا حتى لباقي اراضي العرب، وما أخذ بالاحتلال والقوة يمكن ان يعاد بقوة السلام او بقوة الحرب آجلاً ام عاجلاً، وبأن الاحتلال زائل لا محالة خاصة اذا ما توحد العرب ودخلوا النادي النووي العسكري، وبأن المقاومة العربية حاضرةً ومتجددةً، وسوف يكون لها دوراً في التحرير القادم . وفي المقابل لن تتمكن اسرائيل ومعها امريكا من تحويل انظار عداء العرب من إسرائيل لإيران رغم تحفظنا على سلوك ايران السلبي معنا الى جانب مسلكها الإيجابي .
ولن تستطيع اسرائيل ان تكون صديقة للعرب ما دامت محتلة ومستوطنة ومتطاولة، وردها الهمجي وغير الحضاري على المقاومة الفلسطينية في غزة خير مثال.
وعندما تلغي اسرائيل احتلالها لأراضي العرب فإنها ستجد نفسها وسط صورة جديدة تقودها لمزيد من مشاريع التنمية الشاملة بدلاً من التباهي في التدمير والقتل والتشريد. وقمة العرب في بيروت عام 2002 لقيادة ولي عهد السعودية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ( سلام كامل مقابل الانسحاب الكامل) فرصة سياسية وتاريخية اضاعتها اسرائيل ومن ورائها امريكا.