هل إقرار السياسات العامة لإدارة الموارد البشرية في القطاع العام وتنميتها يستدعي تشكيل مجلس من خمسة وزراء وخمسة أعضاء آخرين منهم رئيساً ديوان التشريع والخدمة المدنية واثنان من رؤساء مجالس هيئات أو سلطات خاضعة لنظام الخدمة المدنية واثنان من ذوي الخبرة والاختصاص يعينهما رئيس الوزراء ؟، وماذا يختلف هذا المجلس عن لجنة التنمية الوزارية ؟! وهل وجود هذا المجلس يضيف حلقة لسلسة اجراءات رسم سياسات الخدمة المدنية في الدولة ؟، ثم؛ ألايشكل هذا المجلس عائقا لدور ديوان الخدمة المدنية كمرجعية مؤسسية في تنفيذ سياسة الحكومة في الخدمة المدنية والتطوير المؤسسي.
تنص المادة الخامسة من نظام الخدمة المدنية «يتولى مجلس الوزراء الإشراف على شؤون الوظيفة العامة»، وبموجب المادة التاسعة من نفس النظام يُنشأ ديوان الخدمة المدنية يعنى بشؤون الخدمة المدنية، ويتولى إدارتها رئيس يرتبط برئيس الوزراء ويمارس صلاحيات الوزير في إدارة الشؤون المتعلقة بالديوان.
بالمقابل؛ نصت المادة السادسة من النظام على تشكيل مجلس الخدمة المدنية برئاسة الوزير الذي يسميه رئيس الوزراء وعضوية المشار اليهم أعلاه.
وحتى نبين مهمة مجلس الخدمة المدنية لابد من توضيح سير اجراءات اقرار التعليمات او التوصية لمجلس الوزراء بإصدار التشريعات المتعلقة بالرواتب والعلاوات والحوافز والمكافآت وأي موضوع يحيله إليه مجلس الوزراء او رئيس المجلس.
يتولى ديوان الخدمة المدنية، ومن خلال لجان فنية إعداد مسودة التعليمات ومشاريع الأنظمة ويرفعها رئيس الديوان لرئيس مجلس الخدمة المدنية؛ وبعد التوافق عليها يرفعها الوزير لرئيس الوزراء الذي يحيلها بدوره لمجلس الوزراء المصغر «لجنة التنمية والبنى التحتية» «لجنة وزارية» وبالمناسبة فإن الوزراء أعضاء مجلس الخدمة المدنية أعضاء بهذه اللجنة والتي يحضر جلساتها أيضا رئيس ديوان الخدمة المدنية وبالتالي تعرض مواضيع الخدمة المدنية ثانية على ذات اللجنة، ولايقر أي تشريع إلا بموافقة مسبقة لديوان التشريع، ورئيسه عضو في مجلس الخدمة المدنية.
ومما سبق نستنتج أن مجلس الخدمة المدنية حلقة لا تضيف أي قيمة فنية، والتنسيب مباشرة من رئيس ديوان الخدمة المدنية لرئيس الوزراء الذي بدوره يحيل أي موضوع متعلق بالوظيفة العامة للجنة الوزارية «الخدمات» وللجنة الإستعانة بمن تراه مناسبا، يخفض من درجة التعقيد في المستويات التنظيمة وتسريع عملية صنع القرار.
من جهة اخرى، وهي الأهم، أن وجود وزير يرأس مجلس الخدمة المدنية، ورئيس ديوان خدمة مدنية بمستوى وزير ويرتبط برئيس الوزراء يخلق حالة من الصراع تجعل ادارة الوظيفة العامة تسير برأسين، وهذا سبب رئيسي في فقدان الفاعلية في ادارة الخدمة المدنية والتطوير المؤسسي على مدار عقدين من الزمان حيث كان رئيس مجلس الخدمة يهيمن على ديوان الخدمة المدنية ويعيق عمله، حتى إنه تم إقالة بعض رؤساء الديوان السابقين بتنسيب من الوزير وهذه مخالفة صريحة لنظام الخدمة المدنية نظراً لارتباط رئيس الديوان برئيس الوزراء.
إن الغاء مجلس الخدمة المدنية يرشق العمل الإداري من جهة ويعطي الولاية لديوان الخدمة المدنية في إدارة الوظيفة العامة وتطوير مؤسسات الدولة.
الراي