اولويات امريكا في المنطقة
د. عبدالله صوالحة
06-05-2019 03:22 PM
على عكس ما يتحدث به المعلقون حول أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية في الشرق الأوسط فان عملية السلام والصراع الاسرائيلي - العربي الفلسطيني لا يعد اولوية رئيسية على اجندات الإدارات الامريكية المتعاقبة وبشكل خاص خلال السنتين الاخيرتين مع الادارة الحالية برئاسة دونالد ترامب ، حيث يتقدم على العملية السلمية بين الاسرائيليين والفلسطينيين عدة ملفات أهمها أولا : مواجهة ايران، حيث تعتبر الولايات المتحدة ان تقليص النفوذ الايراني في المنطقة وتحييد أذرع ايران السياسية والعسكرية التي تعمل بالنيابة عن حكم الملالي في منطقة الشرق الأوسط هي الركيزة الاولى التي بجب العمل على إعداد الحلفاء لها ، وقد تم بالفعل اتخاذ عدة خطوات بهذا الاتجاه تمثلت في انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي توصلت اليه الادارة السابقة بالاضافة الى الدول الأوروبية مع ايران ، وكذاك العقوبات الامريكية المفروضة على الشركات الإيرانية والشركات العالمية التي تتعامل مع ايران ، وأخيرامحاولة تأسيس التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط المعروف بالناتو العربي MESA.الذي يهدف لمواجهة النفوذ الايراني ,كل هذه الخطوات هو تعبير عملي عن الأهمية القصوى التي توليها الادارة الامريكية للملف الايراني على حساب الملفات الاخرى.
الأولوية الثانية هي محاربة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش حيث أسست الولايات المتحدة تحالفا دوليا لهذه الغاية في 2014 يضم في عضويته 79شريكا من الدول والمنظمات ويهدف الى هدم شبكات التنظيم العسكرية ومواجهة البنية التحتية المالية والاقتصادية للتنظيم ومنع تدفق المقاتلين الأجانب الى سوريا والعراق ودعم الاستقرار وإعادة الخدمات للمناطق المحررة ، وقد حقق نجاحا ملموسا على الصعيد العسكري والاقتصادي وان كانت الحاجة ما زالت ماثلة لوضع تصور استراتيجي لما بعد داعش ،،وهي الاولوية الثالثة للإدارة الامريكية وهي محاربة الفكر المتطرف الحاضنة الايدلوجية للإرهاب.
وأخيرا تأتي الأولوية الرابعة وهي العملية السلمية والصراع للعربي الاسرائيلي وهناك عدة أسباب دفعت هذه المسألة الى اخر سلم الأولويات أهمها ان هذا الصراع اصبح صراعا مزمنا يمكن التعايش معه من قبل الأطراف الرئيسية وخاصة الاسرائيليين والفلسطينين ،وبالنسبة للولايات المتحدة لا يعكر هذا الصراع إنفاذ اجندتها وتحقيق مصالحها في المنطقة لا من حيث الاستقرار ولا تدفق التوريدات النفطية وانسياب التجارة العالمية ولا حتى على علاقتاتها مع حلفائها المتخاصمين من الدول العربية واسرائيل وتركيا ,كما ان الولايات المتحدة طورت اقترابا او نسقا للعلاقات مع الدول العربية بحيث لا تتأثر مصالحها مع هذه الدول بنتائج او تبعات الصراع العربي الاسرائيلي, شاهدنا ذلك في حرب الخليج الاولى عندما وقفت مصر وسوريا ودول الخليج الى جانب الولايات المتحدة واسرائيل ضد العراق ونشهد ذلك اليوم في المواجهة بين محور الدول العربية السنية واسرائيل ضد ايران والمحور الشيعي التابع لها .
اردنيا ، من المهم ان ندرك ان هناك نظام من التوازن الدقيق بين مصالحنا الوطنية والاستراتيجية وبين مصالح وأولويات الولايات المتحدة الامريكية الشريك الرئيسي الأكبر لنا اقتصاديا وعسكريا ، وان عملية التكيف مع متغيرات ومتطلبات السياسة الخارجية الامريكية هو ضرورة لابقاء رؤوسنا فوق الماء ، وان تقييم علاقتنا مع الولايات المتحدة لا يجب ان يكون من خلال بعد واحد بل من خلال منظور متعدد الأبعاد ،من هنا يجب محاربة الدعوات والمطالبات التي تنادي بتغيير تحالفات الاردن والبحث عن شركاء جدد على المستوى الاقليمي وعلى المستوى الدولي , هذه المطالبات تتسم بقصر النظر ومحدودية الادراك وجهل بالتاريخ واقل ما يقال عنها انها وصفة انتحار سياسي.
Mutaz876@gmail.com