الاستثمار في المعلم .. ضرورة
د. عزت جرادات
06-05-2019 03:12 PM
*في مقالة سابقة " بعنوان (الأوضاع العالمية للمعلم)، كان الهدف منها دعوة الجهات المعنية في مختلف القطاعات العامة والخاصة والمدينة لايلاء المعلم الأردني ما يستحقه من حقوق وامتيازات وما يترتب عليه من مسؤولية ومساءلة، حيث كانت تلك الامتيازات أدنى من جميع النماذج التي تعرضت إليها في بعض الأقطار، حيث كانت هناك علاقة ايجابية بين امتيازات المعلم ونهج الدول الخمس التي تصدرت العالم عام (2017) في جودة التعليم وهي (كوريا الجنوبية، وسنغافورة، وفنلندا، وهونج كونج واليابان)، حيث يتمتع المعلم بامتيازات جاذبة لمهنة التعليم من جهة، ومحفزّة لمزيد من العطاء والأداء المتميز والإنتاجية من جهة أخرى.
*تدرك المجتمعات الإنسانية في هذا العصر أن أفضل وسيلة للنمو الاقتصادي هي (الاستثمار في التعليم) من أجل إيجاد أو تكوين (رأس مال بشري) قادر على تحقيق زيادة في الدخل القومي الحقيقي، ويحصل على عائد اقتصادي /اجتماعي أفضل، فالتعليم عملية استثمارية تتطلب الاستخدام الذكي لجزء من مدخرات المجتمع في تطوير قدرات الإفراد ومهاراتهم بهدف رفع الطاقة الإنتاجية، لتضاف إلى مجموع الطاقات المجتمعية التي تؤدي إلى الارتفاع بالنمو الاقتصادي، ولا تتحقق أي تنمية اقتصادية في غياب تنمية الموارد البشرية والتي لا يمكن لها أن تتكون أو * تتطور إلا بمنظومة (التعليم0التعليم- التعليم).
*أما الجانب الأخر من المعادلة، فهو (الاستثمار في المعلم) الذي تعتبره البلدان الناجحة (استثماراً في المستقبل)، وقد حرصت تلك البلدان على الإنفاق بسخاء على إعداد المعلم وتكوينه، ومنحه الامتيازات المادية، والمعنوية لتحسين وضعه الاقتصادي، والأهم من ذلك، الارتقاء بمكانته الاجتماعية، وفي المقابل، ينتظر منه المجتمع المزيد من العطاء والإنتاجية في عالم السيبرانية والرقمية والانترنت، والمهارات الذكية والتي أصبحت أساسية في تكوين المعلم
وأدواره المتغيرة ومهاراته التعليمية- التعلمية المتجددة؛ كما ينتظر منه المجتمع في المساءلة، وتحقيق ما يتطلع إليه من آمال مستقبلية لأجيال واعدة.
* إما المعلم الأردني، ومنذ تأسيس الأردن، إمارة ومملكة، فقد كان أداه فاعلة للتغيير أو التغيّر الاجتماعي، وعرف بالريادية في العطاء والبناء أردنياً وعربياً... ولكن مع نشوء ظاهرة النقابات المهنية وامتيازاتها، المادية والمعنوية، فقد ظل المعلم بمهنته التربوية يعاني، رفضاً رسمياً لإنصافه بين المهنيين، والمسوّغ غير المقبول لذلك، كان (العدد الكبير والعبء المالي)، أي أن المعلم دفع (ضريبة التوسع الكمي في التعليم)، وتبين فيما بعد، أن ذلك المسوّغ لا صحة له، فقد بدأت (علاوات الندرة) لمعلمي العلوم والرياضيات واللغة الانجليزية، ثم علاوة (التأهيل التربوي)... إلى (علاوة التعليم) عام (1995)... ومن ثم كسر ذلك المسوّغ نهائياً، عامي (1999-2000) عندما تمّ اتخاذ قرار بالزيادة التدريجية لعلاوة التعليم بنسبة (5%) سنوياً حتى تصل إلى (100%) في غضون سنوات إلى أن تمكن المعلم من الحصول عليها لاحقاً.
* أذا مااريد للنهضة التعليمية أن تأخذ مسار التميز والتجديد والإبداع، فلا مناص من اعتماد سياسة راسخة بزيادة سنوية ثابتة (لعلاوة التعليم)، وأن لا تكون خاضعة لمزاجية سياسية في التوقف أو الإلغاء .... ضمن معادلة واضحة، الامتيازات والعلاوات حق للمعلم، والإنتاجية والمساءلة حق للمجتمع.... تحية للمعلم الأردني....
الدستور