وزارة العدل والعقوبات البديلة
د. بسام الزعبي
06-05-2019 12:02 PM
تعمل وزارة العدل على تعزيز رؤيتها كمؤسسة داعمة لاستقلال القضاء وسيادة القانون، وذلك من خلال تطورها الدائم والمستمر في عدة نواحي؛ بهدف تحقيق رسالتها القائمة على المساهمة في تهيئة البيئة القضائية والإدارية المناسبة، ورسم السياسات والأطر التشريعية للنهوض بعملية التقاضي والمساندة القانونية بكفاءة، لضمان رعاية الحقوق، وصون الحريات وحمايتها، وتيسير سبل الوصول للعدالة، وتعزيز الشراكة مع الجهات المحلية والدولية، من خلال ترسيخ بنية مؤسسية عصرية، وتوفير كوادر مؤهلة متخصصة، بما يعزز ثقة المجتمع بسيادة القانون.
وفي خطوة نوعية تعزز دورها وتفاعلها مع فئات المجتمع كافة، نظمت الوزارة المؤتمر الوطني حول العقوبات البديلة تحت عنوان: بدائل الإصلاح المجتمعي في الأردن: المفهوم وسياق التطبيق، وذلك بالتعاون مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي.
ويقوم مبدأ العقوبات البديلة على أن يقوم الموقوف بتنفيذ عقوبة اجتماعية بدلاً من توقيفه في السجن، إذا قرر القاضي ذلك وشريطة موافقة الموقوف نفسه، فقد يقوم أحدهم بزراعة 100 شجرة في حديقة عامة، بسبب مشاركته في مشاجرة لأول مرة، بدلاً من توقيفه لمدة معينة في السجن، وقد يقوم أخر بعمل دهان أو صيانة أو تنظيف أو غيرها من الأعمال التي يقدر عليها في إحدى المدارس أو دور العبادة أو في جمعية خيرية أو غيرها من الأماكن العامة، نتيجة تسببه بأذى معين لشخص أخر، بدلاً من حجز حرية ذلك المتسبب لمدة معينة.
وقد أكد الدكتور بسام التلهوني وزير العدل أن تنظيم المؤتمر يأتي إنطلاقاً من توجيهات جلالة الملك التي جاءت في الورقة النقاشية السادسة تحت عنوان (سيادة القانون أساس الدولة المدنية)، وبعد أن تم تعديل قانون العقوبات الأردني رقم 27 لعام 2017، والمتضمن تطبيق بدائل الإصلاح المجتمعي متمثلة بالخدمة المجتمعية والمراقبة المجتمعية والمراقبة المجتمعية المشروطة بالخضوع لبرنامج إصلاح وتأهيل، ليأتي بعد ذلك تطبيق بدائل الإصلاح المجتمعي من قبل السلطة القضائية، حيث وصل عدد الحالات المطبقة لغاية الآن إلى حوالي 43 حالة في مختلف محاكم المملكة.
ويحقق تطبيق العقوبات المجتمعية عدة أهداف تتعلق بعدة أطراف، حيث تجنب هذه العقوبات اختلاط المحكومين بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة الأمد مع المحكومين الخطرين ومعتادي الإجرام، وتعالج هذه العقوبات مشكلة الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل، كما أنها تخفف من الأعباء المالية التي تتحملها الدولة في إدارة شؤون السجون والمساجين، كما أن من شأن تلك العقوبات المحافظة على مصدر رزق المحكوم عليهم، إذ أنه في أغلب الأحيان تؤدي العقوبة السالبة للحرية إلى انقطاع مصادر رزقهم، مما يؤدي في حالات كثيرة لمشكلة اجتماعية أكبر وهي تفكك الأسرة المرتبطة بالمحكوم، إلى جانب مشاكل اجتماعية أخرى قد تنعكس على المحيطين فيه.
إن هذا الاهتمام الكبير الذي توليه وزارة العدل للتوعية بأهمية تطبيق العقوبات المجتمعية البديلة من النواحي القانونية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، يؤكد مدى حرص الوزارة على تحقيق ما جاء في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك تحت عنوان (سيادة القانون أساس الدولة المدنية) والتي أكد فيها جلالته على أن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة، حيث عمل المؤتمر على التوعية والتعريف ببدائل الإصلاح المجتمعي، وبيان الأطر التشريعية لها، وآليات العمل والإجراءات المتبعة في التنفيذ، وبيان دور مديرية العقوبات المجتمعية في وزارة العدل في نشر الوعي حول تلك العقوبات، ودعم تطبيقها على أرض الواقع بالتعاون مع السلطة القضائية صاحبة القرار في الأحكام.
تعزيز ثقافة العقوبات البديلة من خلال بدائل الإصلاح المجتمعي ضروري لنشره بين أفراد المجتمع من عدة نواحي أشرنا لها أعلاه، ويكفي أن نقول (أن أي موقوف في قضية ما) يحتاج لتوفير المسكن والمأكل والرعاية الصحية والخدمات الأخرى له، إلى جانب حاجته لكوادر بشرية لتقديم تلك الخدمات له (كونه موقوف)، إلى جانب ما تتحمله الدولة من أعباء مالية نتيجة تلك الرعاية والخدمات، كل ذلك سيلغى ويتحول ذلك (الموقوف) إلى إنسان إيجابي ومنتج، وقبل ذلك كله وبعده يمكننا القول: ليس كل مخطئ يصبح مجرم يعاقب بالسجن!!. (الرأي)