قبل ايام تحدثت بعض الاوساط الاوروبية عن ضرورة البحث عن آلية للضغط على اسرائيل في مواجهة سياستها في التاثير السلبي على عملية السلام والاصرار على مزيد من الاستيطان.
كان الاقتراح، من هذه الاوساط الاوروبية، ان يتم وقف استيراد المنتجات الصهيونية القادمة من المستوطنات ومقاطعتها لاجبار حكومة نتنياهو على التراجع عن مواقفها المتطرفة.
هذا المنطق هو لجهات اوروبية تؤمن بالسلام والمفاوضات ولاتريد ان تدعو الى مقاطعة دولها للبضائع الاسرائيلية لكنها ضمن محددات الموقف الاوروبي تبحث عن وسيلة للضغط على حكومة الاحتلال حتى تعلم ان لمواقفها المتعنته ثمنا حتى عند اصدقائها الاوروبيين. وهي طريقة تفكير ايجابية من أي طرف يجد مواقف لا تعجبه فيبحث عن وسائل لتغيير تلك المواقف.
العبرة لنا، نحن في العالم العربي وتحديدا الدول العربية المؤمنة بالتسوية وعملية السلام، التي تعاني من سياسة الحكومات الصهيونية، ومنها حكومة نتنياهو الحالية التي تبعثر الزمن شهرا بعد اخر في رفض وقف الاستيطان وتعمل بجد واجتهاد لفرض رؤيتها للسلام، وحتى ادارة اوباما فانها تسجل فشلا ذريعا في اقناع نتنياهو حتى بوقف مؤقت للاستيطان، أي ان الحكومة الاسرائيلية لاتقيم وزنا لاي شيء. والسؤال ما الذي يمكن فعله؟
وحتى لو اعطينا للنظام الرسمي العربي مساحة لا يريد فيها ان يخرج من معسكر السلام، وانه لايريد البحث عن مسار آخر، فإن المنطق يقول ان على العالم العربي ان يمارس ضغطا كبيرا على الطرف الصهيوني.
الخيارات عديدة؛ فالدول العربية يمكنها ان تتبنى موقفا تحافظ فيه على موقفها العام من عملية السلام لكنها تعلن موقفا تعلق فيه كل اشكال التفاوض واللقاءات والحوارات مع كيان الاحتلال. وان تعلق المبادرة العربية وتوقف كل اشكال التواصل السياسي لاجبار الاحتلال على التخلي عن مواقفه وحتى يعلم ان تعنته لا يقابل فقط بتذمر عربي لايؤثر على علاقات أخرى.
ما نتنماه ان تكرر الحالة العربية اجماعا، مثلما اجمعت على المبادرة العربية، يحمل على تعليق كل علاقات ولقاءات تخص عملية السلام. وعلى الجانب الاميركي والاوروبي ان يقوم بواجبه تجاه الطرف الذي يفشل كل جهود اميركا والعالم.
العرب قدموا كل ما لديهم واعطوا كل اشكال المبادرات واللقاءات ولم يبق شيء الا ان يقبلوا بالحل الاسرائيلي الذي يحل مشكلة اسرائيل وليس مشكلة الشعب الفسطيني وحقوقه.
التفكير العربي الرسمي يحتاج ان يذهب باكثر من اتجاه، فالامر ليس فقط استمرار التأكيد على خيار السلام بل اجبار الآخر على ان يكون لديه الايمان نفسه بالتسوية لا ان يكون على العرب فقط اثبات حسن النوايا.
ما يحدث احيانا مثير للتساؤل فرئيس السلطة محمود عباس كان رافضا للقاء نتنياهو ثم قبل ان يلتقيه، حتى قبل ان تقدم اسرائيل أي تراجع عن تطرفها، وخرج علينا من يقول ان اللقاء لا يعني استئنافا للتفاوض وكان نتنياهو يريد استئنافا للتفاوض!
اضاعة الوقت لغة وسياسة صهيونية منذ ان بدأت عملية السلام عام 1991، لكن المطلوب لغة عربية سياسية يعلم معها الاسرائيليون ان لتعنتهم ثمنا اكبر من الشكوى.
sameeh.almaitah@alghad.jo
عن الغد.