اطلق صرختي هذه وانا اعود بذاكرتي حول الكم الذي لا يُحصى من البرامج والمبادرات والمشاريع التي أُطلقت وتطلق صباح مساء، وكم هو حجم التهليل والترحيب بها ، والامال التي تعلقت بها ، وعلى كافة المجالات وبكل المستويات على حد سواء ، اين اختفت ؟ وما هو مصيرها ؟ لماذا يولد الحلم في بلادي كبير ،ثم سرعان ما يتبخر بلا اثر ؟ واذا نظرنا الى حجم المنح والرعاية المادية المقدمة هل نستطيع لها احصاءً؟ ، اننا امام لغز كبير لا يقل عن لغز مثلث برمودا الاشهر.
البحث عن الاجابة لكل الاستفهامات والاسئلة التي عندي ، وعند القارئ الكريم ، يدخلنا ان نبحث عن ادارة لهذه المؤسسات والدوائر والهيئات والمبادرات ، هل نمتلك ادارة استراتيجية تستطيع ان تحقيق الاهداف ،ومتابعتها ،واجراء المراجعات لتحديد القضايا والاولويات الاستراتيجية التي تساهم في تحقيق اهداف مثل هذا المشاريع والمبادرات ، ان كان كذلك فاين هو الاثر لها ، الاجابة بالنفي ، تنفي ان لدينا ادارة استراتيجية قادرة على العمل المؤسسي عبر مشاريع انفق عليه المليارات من الدنانير وانتهت بلا اثر .
اذن نحتاج اليوم الى هيئة وطنية ، بمرجعية قانونية ، ليست رقابية فحسب بل شريكا حقيقيا في
الادارة الاستراتيجية المؤسسية ، تحدد الاهداف وترسم اليات العمل ، وتخصص فرق المتابعة وقياس الاثر وتقييم النتائج ، ذلك ان كل مشروع هدفه التنمية سواء في الخدمات المادية او الفكرية المعنوية ، وكيف بنا نطلق مصطلح التنمية ان لم تكن متلازمة مع الاستدامة في العطاء والبناء ، والاستدامة تقتضي المراجعة في بعض المسارات او الاجراءات ، لا ان تكون لموسم نتبارى به للتصوير امام الكاميرات ، واطلاق الاحاديث الاعلامية وكاننا في دراما تلفزيونية ينتهي حضور الممثل في مسلسل لينتقل الى دور أخر وقصة اخرى ، ويتحلل من دوره وشخصيته الاولى ، وهذا يمضي ، وتمضي المبادرات والبرامج التي نطلق منها العشرات في كل يوم ، وننفق عليها ملايين دون تلمس اثر ينعكس على البناء الوطني وفكر ابناءه .
نحتاج الى هيئة وطنية لقياس الاداء ، لا ترتبط بشخوص بل هي مؤسسية تعكس مفهوم دولة المؤسسات والقانون ، لا ان نبقى ندور في دائرة مفرغة من اطلاق الشكوى وتلمس الاحتياجات ، ثم نطلق مبادرات وبرامج تغادر بمغادرة من وقع اوتبنى الفكرة لموقعه ، ولتعاد انتاج الدراسات والاستراتيجات واحيانا قبل ان يجف حبر سابقاتها .