عندما يخسر الإعلامي جمهوره
د. فهد الفانك
25-09-2009 02:56 AM
صعود الإعلامي إلى قمة النجاح لا يأتي بسهولة، ولكن التحدي الأصعب من الوصول إلى القمة هو البقاء هناك، فلا ينفض الناس من حوله ويفقد جمهوره تطبيقا لقول الشاعر: لكل شيء إذا ما تم نقصان.
برنامج اوبرا وينفري من أنجح البرامج التلفزيونية في أميركا وقد بدأ في عام 1985 ووصل القمة في عام 2005 عندما بلغ عدد مشاهديه تسعة ملايين، يغلب عليهم النساء والبيض من الطبقة الوسطى.
منذ ذلك الحين بدأ البرنامج بالتراجع التدريجي، وخسر مليونين من المشاهدين المواظبين، ليتراوح العدد الآن حول سبعة ملايين مشاهد. وتسارع التراجع عندما أثارت اوبرا غضب بعض الجماعات التي عمدت إلى مقاطعتها.
أخذ البعض على اوبرا انحيازها الكاسح لباراك أوباما في مواجهة هيلاري كلينتون في مرحلة الانتخابات التمهيدية، مما أثار غضب أنصار هيلاري وخاصة من النساء اللواتي كن ينتظرن أن تنحاز اوبرا إليها إذا لم يكن لون البشرة هو المقياس.
الجمهوريون بدورهم غضبوا من اوبرا لانحيازها ضد حزبهم، وكانوا يتوقعون منها أن تكون محايدة بين الحزبين، أي أن تكون للجميع. وبعض الجماعات المسيحية غضبت أيضا من اوبرا لترويجها لكتب معادية للمسيحية.
في الإعلام هناك دائما صعود وهبوط، فالإعلامي قد يكسب جمهورا يتعصب له ولكن الجمهور قد ينفض من حوله إذا لم يحافظ على مستواه ويتفوق على نفسه من وقت لآخر.
لا يهمنا في هذا المجال برنامج اوبرا بالذات، ولكنه مثال علينا جميعا أن نعيه، فلا يتوهم أحدنا أن جمهوره ملك له، ملتزم معه بدون حدود، وإلى ما لا نهاية.
هل يستطيع الإعلامي أن يكون للجميع، وأن لا ينحاز بهذا الاتجاه أو ذاك، وأن يتجنب إثارة غضب هذه الفئة من الجمهور أو تلك؟.
كنا دائما نقول أن الإعلامي، وخاصة الكاتب، يجب أن يكون موضوعيا، ولكنه قلما يكون محايدا، فمن حقه أن ينحاز، ولكن ليس من حقه أن يتعسف. ليس من واجب الإعلامي أن لا يمس شعور أحد، فهو مضطر لاتخاذ مواقف والدفاع عنها بالمنطق.
وإذا كان مهنيا حقيقيا، فإنه قد لا يستطيع أن يكسب رضى الجميع، ولكنه يستطيع بل يجب أن يكسب احترامهم واهتمامهم.
الراي.