أُرفق أدناه، ستة خرائط، ثلاث منها عثمانية وثلاثة مشتقة منهن رسميا لغايات المفاوضات. أولاها تصف الواقع في سوريا والعراق كما كانتا عامي 1915 و 1916 عندما كانتا خاضعتين لإحتلال مملكة آل عثمان، أما الخمس الاخريات فتروي حكاية المؤامرة الاستعمارية الكبرى المسماة سايكس بيكو، كما تروي جهلا تعلمناه، وتعصبا ورثناه، وإقليمية يتنازع فيها الصغار على السوط الذي كان صنع لجلد ظهورهم، فأصبح مقدساً يتعبدُ عندهُ وإليهِ من تسيل دمائهم منه.
تكشفُ الخرائطُ وخاصة الخريطه رقم 6، على خلافِ ما يعتقده معظم الشعب العربي "بسبب جهلِ "عدم إطلاع" او "خُبثِ" من ألف كتب التاريخ والجغرافيا، التي دُرِّست في المدارس الاردنية والعربية". لمْ تُعلمنا تلك الكتب والمناهج، أن ولاية بيروت كانت تتمدد على معظم ساحل البحر الابيض المتوسط، وأنها كانت تشملُ قبل صدور وعد بلفور، مدن رام الله ونابلس وحيفا وعكا وسنجق لبنان وسنجق بيروت وسنجق اللاذقية وسنجق طرابلس. وقد أُستثنيت متصرفية القدس وتمتعت بوضع إداري خاص، رضوخا لمطالب الدول الاوروبية بسبب إحتضانها للاماكن المقدسة للدين المسيحي. أما جنوب متصرفية القدس وهو النقب، فكان يتبع سنجق معان الذي يمثل الجزء الجنوبي من ولاية سوريا. وكان سنجق معان يضم معظم الاردن حاليا، باستثناء سنجق البلقاء الذي كان يضم مناطق غربي نهر الاردن وشرقيه. هذه الحقيقةُ الغائبةُ المُغيبةُ، تفرضُ على الحكومة اللبنانية، المسؤولية المباشرة عن إسترجاع المنطقة "الفرع" إبتداءاً من رام الله وحتى الحدود اللبنانية الحالية الى "الاصل: الوطن الام لبنان"، لأنها ارضٌ لبنانية أُقتطعت من ولاية بيروت وضُمت الى متصرفية القدس والنقب، ليتشكل منها ما سمي فيما بعد فلسطين بموجب اتفاقية سايكس بيكو وليس قبل ذلك. ويترتب على هذه الحقيقة أن اللاجئين من هذه المنطقة، أي إبتداءاً من رام الله فشمالا، هم بيروتيون وبالتالي لبنانيون. أي أنهم يعيشون الان في وطنهم. في ضوء هذه الحقيقة، لا يجوز أن يبقى اللاجئون اللبنانيون في لبنان في مخيمات اللجوء المروعة، مُخيمات الإقصاء والفقر، كضيف ثقيل وممل، ممنوعين من الاندماج في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللبنانية. لا أعتقدُ أن ساسة لبنان لا يعرفون خارطة بلدهم الاصلية، وما حل بها، وأُختزل منها. حالةُ الأنكارِ للإخوة أبناء الوطن، التي تمارسها الحكومة اللبنانية، فرضتها حيلةُ التوازنات السكانية الدينية والمذهبية، لكي يبقى مسيحيوا لبنان هم الاكثرية وبالتالي تمكينهم من حكم لبنان ديموقراطيا عن طريق صناديق الاقتراع. هذه الحيلة صنعها الاستعمار وخطط لها مسبقا ونفذها في اتفاقية سايكس بيكو ليضمن إنشاءِ دولة مسيحية بجوار الدولة اليهودية المنتظرة. وَعَليَّ هنا أن أُبين الاسباب الاضافية لعملية السلخ والاضافة التي تمت، ألا وهي تدليل اسرائيل بمنحها الاراضي الخصبة أولا، والاتصال بنهر الاردن وينابيعه وبحيرتي طبريه والحوله ثانيا، لأن باقي الاراضي من جنوب رام الله وحتى خليج العقبة والعريش هي إما أراضٍ جبلية صخرية، أو شفا غورية، أو صحراوية ما عدا الخليل. ولإن فلسطين لا يوجد فيها انهار ولا بحيرات، أصر ممثلوا الحركة الصهيونية أثناء رسم خارطة تقسيم ولايات سوريا وبيروت على إدخال انهار الليطاني واليرموك والاردن ضمن خارطة فلسطين، إلا أن هذا الطلب عارضته فرنسا لانها كانت تعتبر أن مصادر المياه هذه تعود لمنطقة نفوذها في سوريا ولبنان، فكان أن تمت مُشاطئةُ خارطة فلسطين "الوليد الجديد" لهذه المصادر المائية مما مَكَّنَ اسرائيل لاحقا من احتلالها وهو ما حدث لنهر الاردن وبحيرتي الحولة وطبريا، أو سرقتها كما هو الحال بالنسبة لنهري اليرموك والليطاني.
اتفاقية سايكس بيكو خلقت واقعا جديدا للمنطقة يختلف تماما عما كانت عليه منذ مئات السنين. المصيبة الكبرى أن العرب نسوا تلك القرون التي يتباهون بها ويصفونها بالسعيدة والمقدسة، وتغير ولائهم وإنتمائهم فاصبح للجغرافيا التي هندستها سياسيا وأمنيا ودينيا إتفاقية سايكس بيكو، لضمان رسوخ إستراتيجية الهيمنة الاستعمارية الغربية الى اطول فترة زمنية ممكنة. فَرّطَ العرب بتاريخهم وأواصرهم، وانساقوا كالانعام سدنة للمخططات الاجنبية.
الخارطة رقم 2 مُشتقة من الخارطة العثمانية الاولى، كانت محور المفاوضات ما بين الشريف حسين بن علي والي مكة، ومكمهون من خلال الرسائل المتبادلة بينهما. الخارطة رقم 3 تبين أقصى ما تنازلت عنه المملكة المتحدة للشريف حسين لتكون مملكته. بموجب هذه الخارطة، تستثني بريطانيا العظمى، شمال العراق ولواء الاسكندرونه وولايتي حلب وبيروت وسنجق اللاذقيه بشكل قاطع ونهائي أبدي، والمنطقة من البصرة الى بغداد تظل مستثناة لفترة من الزمن من المملكة الممنوحة. هذا العرض لم يقبله الشريف حسين ولكنه أُضطُر للتعايش معه على أمل أن يظفر بعرض أفضل حينما تنتهي الحرب. كان الشريف حسين يُصرُ على شمول كامل سوريا والعراق من بغداد حتى البصرة إضافة للحجاز. الخارطه رقم 4 تؤكدُ ما سبق ذكره حيث تعتبر المناطق الملونة باللون الكحلي والنهدي والاصفر المناطق المستثناة من مملكة الشريف حسين.