يدق أبوابنا ينتظر منا فتحها ، لنستقبله بكل شغف و شوق ، بكل حب و فرح ، و هو لا يعلم كم ننتظره و كم نتوق لرفقته؟ الرحمة غلافه ، و المغفرة روحه ، و العبادة قلبه.
قادم إلينا بنعمه و خيره ، بأجواء الحياة التي يحملها ، قادم إلينا ليذكرنا بأنفسنا كبشر ، و أن " لربك عليك حق ، ولنفسك عليك حق"، أراه مبتسما سعيدا لأنه سيعيش معنا نتسامر سوية ، و نعيش تفاصيله ، و نتعامل معه و يتعامل معنا برحمة و سكينة، فهو كريم برحمته و سخي بعطاياه ، و حنون بتفاصيله.
يعشقنا رمضان حيث يعزف معنا على وتر الروح ، ينقيها، ويعلمها ، و يجعلها كبياض الثلج و كروح طفل ولد من جديد.
جاءني في منامي ليسألني و أحدثه ، ليسمعني و أخبره ، فسألني عن حال أمة تضيع ، و تتساقط و تهوي في غياهب الجب ، عن حال أمة تموت و هي تتنفس و قد نخر السوس أساسها ، وانتشر فيها وباء الخوف و الجهل والخنوع و التبعية، عن حال أمة شعوبها تدمرت ، و أرواحها تبعثرت، تحرق و تجوع في كل لحظة ، و تئن ألما بصوت الخشوع، زفيرها كسكرات الموت و شهيقها كخروج الروح.
قلت له : أمة يموت أطفالها ، لا مأوى و لا رحمة ، و تباع ورودها بسهولة، أمة سخط عليها أبناؤها ، فهل من حلول يا رمضان؟
فقال لي : لا حل سوى الصبر فعندما ينتشر الفساد و تبتعد العباد عن الله ، و عندما ينتشر الظلم و تصبح العدالة معلقة ، و تستعمر البلاد من الأعداء و يعيث بها المتجبرين والطغاة فسادا و قتلا و بغيا ، ماذا بعد؟ كل شيء بوقته فالله يعلم ما الذي يحدث فهو الرحيم و الغفور والقدير على كل شيء.
رمضان الرحمة والمغفرة والعتق من النار، أهلا و سهلا بك، بيوتنا و قلوبنا و ارواحنا مفتوحة لك.
كل عام والامتين العربية والاسلامية بألف خير.