الدكتور عدنان بدران والمُناكَفات السياسية
السفير الدكتور موفق العجلوني
05-05-2019 01:18 AM
ربما يذهب القارئ بعيداً عندما يقرأ عنوان المقال ، ان دولة الدكتور عدنان بدران شخصية مناكفة سياسياً، والحقيقة هو عكس ذلك وضد المُناكفات السياسية والمصالح الضيقة غير الابهة بأهمية وضرورة استمرار التطوير والاصلاح وأثره العميق على أبنائنا وحاضر الاجيال ومستقبلهم.
شدني حديث دولة الدكتور عدنان بدران في برنامج اوراق ملك من اعداد الدكتور مهند مبيضين على شاشة قناة رؤيا، حول الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله، والتي جاءت بمثابة خارطة طريق لرسم مفاهيم وسياسات مستقلة للتعليم في الاردن وكيف تتم عملية تحديث التعليم في ضوء وجود شد عكسي ومُناكفات سياسية.
يجذب الدكتور بدران اهتمام المشاهد عندما يتحدث حول مختلف القضايا الوطنية وخاصة التعليم .
فانت تكون امام عَلاّمة واستاذ ومفكر واديب وسياسي وصديق وصاحب خلق كريم، كلما تحدث طربت لحديثه، وكلما طال في حديثه تشعر أنك تغوص بين اللآلئ ومرجان البحر الساحرة . ورغم أنك تلمس علامات الحزن في محياه الطيب لفقدانه شريكة العمر السيدة الفاضلة ام سمير رحمها الله واسكنها فسيح جناته، الا أن الابتسامة المطبوعة على جبينه ورباطة الجأش لا تفارق محياه.
في الحوار الذي تناوله دولة الدكتور عدنان بدران مع الدكتور مهند مبيضين في معرض حديثه حول الورقة النقاشية السابعة، أستطيع ان اعرض أبرز المحاور الرئيسة التي عرضها الدكتور بدران:
عندما تريد تغيير شيء في المجتمع، غيّرْ سياسة التعليم ومناهج التعليم، وطرائق التعليم، وعندها يظهر لدينا مجتمع جديد وحديث يستطيع ان يتواءم ويتلاءم مع مشكلات العصر وايجاد الحلول لها واخذ التنمية بكل توجهاتها، تنمية اصلاحية شاملة تؤدي الى الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
يجب عدم خضوع التعليم الى المناكفات السياسية كما قال جلالة الملك.
التعليم يمثل خطة استراتيجية قائمة مستدامة ولا تتغير بتغير الحكومات او الوزراء .
أصبح بناء رأس المال البشري تنافسيا في العالم، والاهتمام مُنصب على تخريج الكفاءات العالية بالتعليم بحيث يستطيع المتعلم حل المشاكل في المجتمع وتحويلها الى فرص عمل استثمارية في العقل البشري.
نحن نعيش الان في الالفية الثالثة للاقتصاد المعرفي والذي يعتمد على الدماغ، وما يختزنه الدماغ من المعرفة من مفاهيم واتجاهات وينمي الذكاء الانساني ، وهو الطريق الى اقتصاد المعرفة - الى مجتمع المعرفة.
نحن في منافسة مع العالم في مجال المعرفة ولكن المؤسف أننا تأخرنا حسب احصائيات البنك للدولي واليونسكو، علماً اننا في السابق كنا متقدمين ومنافسين في مجالات الرياضيات والعلوم ولكن تأخرنا بسبب تأخر المناهج وعدم تطويرها.
يجب بناء العقل البشري الاردني ليصبح محركا للتنمية وبناء بيئة ابداعية في المدرسة للطالب والمعلم، والتركيز على الاخلاق والسلوكيات الحميدة ، وبناء الهوية الثقافية الاردنية. بناء المعرفة هو الاساس، وبناء الهرم المعرفي من اجل حياة أفضل لكافة الاردنيين .
يجب احترام الاختلاف، احترام المذاهب الاخرى ، اسرة اردنية، عربية، اسلامية، انسانية، وبناء العقل الانساني القادر على التكييف.
في ضوء ما تقدم ، هل المجتمع الاردني بكافة اطيافه الرسمية والشعبية يعي خارطة الطريق في التعليم والتعلم والتي رسمها جلالة الملك في الورقة النقاشية السابعة ؟
تفضل دولة الدكتور عدنان بدران بشرح ادوات السير على « خارطة الطريق « بأمان وروية وانتباه للوصول الى اخر الطريق وقد حققنا الاهداف المرسومة والمرجوة والتي تلبي طموح جلالة الملك بهدف مواكبة المجتمعات المتقدمة وبناء الانسان الاردني ابتداءً من التحاقه في دور الحضانة مرورا في المراحل المدرسية والتحاقا بالجامعة ونيل الدرجات العليا مواكبا التطور العلمي والمعرفي ، وتنمية التنافسية بين المدارس والجامعات الرسمية والخاصة ، واطلاق القدرات الخلاقة الابداعية لدى طلابنا والتركيز على التعليم الاقل والتعلم الاكثر LEARNING MORE , TEACHING LESS ، واطلاق العنان للطالب للتحليق بعيداً عن عمليات التلقين والحفظ وتشجيع التفكير والفكر الخلاق والفكر الناقد واطلاق القدرات الابداعية .
ومن هنا لا بدّ ان تقوم الجامعات بقيادة المجتمع ، لأنه في حالة اختفاء الجامعات عن مسرح قيادة المجتمع يحدث التراجع والتخلف ، لان الجامعات تحتضن العلماء والباحثين، والمخترعين ومراكز الدراسات والبحوث العلمية والمهارات المعرفية ومهارات التفكير والوصول الى الحقيقة.
بنفس الوقت يجب ان يكون التعليم متعة لدى الطفل والطالب في المدرسة والجامعة. عندها فنحن على الطريق الصحيح عكس ذلك يصبح التعليم مصدر رعب وخوف ولا نهضة ولا ابداع ولا علوم معرفية تقودنا الى الابتكار والابداع.
الخوض في موضوع التعليم والتعلم طريق طويل ، والى مقال اخر في عصف فكري مع العلامة صاحب الفكر المعرفي دولة الاستاذ الدكتور عدنان بدران استئناساً بفكر جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله في الورقة النقاشية السابعة.
* المدير العام لمركز فرح الدولي للدراسات والبحوث الاستراتيجية
الدستور