التفاعل الكبير مابين الواقع الرأسمالي الامبريالي في زمن العولمة، والاتجاه الضيق للفكر الديني التعصبي والطائفي والإقليمي ما قبل حداثي، محير جداً...!
فكيف لنا أن نفسر شيوع التعصب الديني والطائفي والإقليمي والشعبوي في زمن ما بعد الحداثة، وزمن الثورة التكنولوجية؛ وارتباطهما بالرأسمالية اقتصادياً ارتباطاً وثيقاً؟ لقد اكتشف منظّري الرأسمالية الامبربالية، عماء وتعصب وضيق الفكر الديني والطائفي والإقليمي، فراحوا يوضّفونه في تحقيق اغراضهم واهدافهم، واهمها السيطرة الكاملة على العالم وحركته وانتاجه وخيراته وناسه.
فيكفي في دولة ما أن تقاوم الاقتصاد الرأسمالي ولاتقبل بالامبريالية وسيطرة الشركات الكبرى على خيراتها ومناجمها ومواردها الخام لتصبح هدفاً للتدمير، باثارة النزعة الدينية والتعصب الطائفي والإقليمي والشعبوي بين مكونات تلك الدولة أو الأمة، لتشعل حرباً أهلية سريعة.
والحرب الاهلية كما تعرفون هي اصعب الحروب وأكثرها تدميراً، فّيقوم جماعة على جماعة وتنقسم الامة على نفسها والشعب على ذاته، وتغذي هذه الامبريالية الجماعتين معاً ببيع مزيداً من الأسلحة وتديم الحرب وتدير الأزمة دون أن تتدخل لحلها. واذا تقدمت الأمم المتحدة بحل ما، فأن تلك الدول الرأسمالية الكبرى تعطله وتمنع من الوصول إلى السلام الدائم بين مكونات ذاك الشعب المتقاتل أو المتحارب والمنقسم على نفسه.
فلو نظرنا ملياً في الازمات منذ عقود ثلاثٍ أو اكثر، لما وجدنا ازمة واحدة وجدت حلاً جذرياً لها، و أن كانت اشتعلت حيناً وخمدت حيناً اخر، فهي مرشحه دائماً للاشتعال.
خذوا يوغسلافيا السابقة مثالاً، ومن ثم العراق وسوريا وليبيا واليمن وفنزويلا والشيشان وأفغانستان وربما كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.
فالامبرالية تمنع السلام وتختلق الحروب، لتبيع سلاحها وتشعل النزعات، وتزيدها وقوداً بأن تصب على الوقود زيتاً.
وتستغل وتستعمل الإرهاب، ليروّع الناس وتشّعل أجهزة المخابرات والغرف السوداء لتزيد من التفرقة والضعف في تلك الدولة لتأتي هي ولتسيطر على ذاك البلد اقتصاديا وسياسياً. أما ادواتها فهي الاعلام اولاً وأجهزة المخابرات ثانياً، وبيع الأسلحة ثالثاً، والضغط السياسي والاقتصادي رابعاً، والاحتلال العسكري المباشر اذا اضطرت لفعل ذلك كما فعلت مع العراق وأفغانستان وفيتنام وكوريا من قبلها.
امبريالية ذكية ذكاء شريراً، تستعمل عماء النزعات الدينية والطائفية لتهزم دول العالم الأخرى ولتسيطر على خيراتها.