"التربية الاعلامية" برنامج وطني بامتياز
د. محمد كامل القرعان
04-05-2019 12:25 PM
لتكن مبادرة "التربية الاعلامية" التي تبنتها الحكومة مؤخرا بمثابة خطوة جديدة في مجال محاربة الاشاعة وتثقيف الفرد بالاخبار المغلوطة التي تسوق لاجندات هادمة للمعنويات وقاتلة للهوية الوطنية بابعادها الدينية والقومية والاخلاقية ، فتعليم الفرد فن التعامل مع وسائل الاعلام وتطبيقاته الحديثة وبصورة تراعي القيم الدينية والثوابت الاخلاقية والدينية ضمن بناء اعداد خطط وبرامج هادفة ، يعد مشروعا وطنيا بامتياز . ان عملية اعداد المجتمع للتعامل مع ثورة الإعلام والتقنية الحديثة بتطبيقاتها المتعددة مهمة ليست بالسهلة لانها تحتاج الدراسة والاعداد والتنفيذ ، فالتربية الإعلامية يجب ان تكون اتجاه اردنيا جديدا ، يختص بتعليم المواطنين ، مهارة التعامل مع الإعلام ووسائل الاتصال وسوشال ميديا ، باعتبارها الموجه الأكبر ، والسلطة المؤثرة ، على القيم والمعتقدات والتوجهات والممارسات والثقافات والانتماءات ، وتلامس مختلف الجوانب ،سياسيا ،و اقتصادياً ، واجتماعياً ، وتربويا.
وما لم يكن الإنسان واعياً ومثقفا إعلامياً فإن التيار الجارف سيكتسح كل معصوب وممنوع ، فتأثير الاعلام بالوقت الحالي يضاهي قوة العسكر ، وعملية اقرار ( التربية الإعلامية ) ضمن المناهج التربوية الوطنية ، وضمن أنظمة التعليم غير الرسمية ، والتعلم مدى الحياة في الصفوف المدرسية وفي المراحل الجامعية ،جاءت بالوقت المناسب لتمكين الفرد فن التعامل مع الإعلام ، فهماً ، واختياراً ، واستهلاكاً ، وإنتاجاً.
وهنا ينبغي النظر لطبيعة الكتاب التطبيقي الذي سيعتمد في التدريس ، ويفضل استثمار الطاقات الاعلامية اكاديميا وصحفيين واعلاميين و تعد كليات الاعلام في الجامعات الاردنية خاصة وعامة أكبر رافد ومخزون معرفي وعلمي وداعم لهذا التوجه لقدرتها على الدخول في تفاصيل المنهاج ومحتواه ، وباعتبارها الى جانب المؤسسات الاعلامية لها العديد من الدراسات والابحاث المنشورة وهي داعمة لكثير من الأنشطة والفعاليات في هذا المجال .
والتربية الإعلامية جزءاً اساسيا من حقوق الافراد ، وإدخالها ضمن المنهاج التدريسي ليس " مشروع دفاع " يهدف إلى الحماية فحسب بقدر ما تكون ، " مشروع تمكين " لاعداد أفراد قادرين على التعامل مع الاخبار بجميع اشكالها والوانها وتمنيعه ضد افتراس الشائعات والدعايات الكاذبة التي تستهدف قيمه وعاداته ودينه وثقافته ووطنه.
فهذا المشروع الوطني الكبير خارطتها يجب ان تسير وفق منهاج إعداد وتمكين مواطنين لفهم ما يحيط بهم ، وحسن الانتقاء والاختيار منه من الاخبار والصور والفيديو ، وتعلم كيفية التعامل معها، والمشاركة فيها ، بصورة فعالة ومؤثرة. وظهور الإعلام ، كمنافس شرس للمدرسة وللجامعة وللمسجد وللمنزل معاً ، سيطر على العقل والفكر والتوجه "،وأصبح هو المعلم والمربي والمسلي والمنقذ موجهاً ومرشدا موثوقا ،يبرز بكل وقت بقناع جديد ، وفي كل فترة بأسلوب مبتكر ، وفي كل مرحلة بتقنية مدهشة ، متجاوزاً حدود الزمان والمكان ، مما جعل التربية بوسائلها المحدودة ، وتطورها التدريجي الحذر تفقد سيطرتها على أرضيتها.
ان الإعلام يملك النصيب الأكبر في التنشئة الاجتماعية ، والتأثير والتوجيه ، وتربية الفرد صغيرا وكبيرا .
من بين الدول العربية فإن الجمهورية اللبنانية قامت بادخال التربية الإعلامية ضمن مادة التربية الوطنية والتنشئة في المؤسسات التعليمية المدارس والجامعات. وختاما بالتأكيد على إعداد وبناء خطط وبرامج متخصصة في منهاج التربية الإعلامية ، بما يراعي القيم الدينية والثوابت الوطنية والأخلاقية وحث المؤسسات بالقطاعين العام والخاص المعنية بالتعليم والتربية على تشريع المبادرات العملية ذات الطابع الإعلامي التربوي ، والإفادة من التجارب العالمية المرموقة في مجالات التنشئة والتربية الإعلامية.