ظھر أبو بكر البغدادي زعیم تنظیم ”داعش“ الإرھابي ، في تسجیل جدید، لیقول فعلیا، إنھ ما یزال على قید الحیاة، وأن التنظیم یعد العدة لموجة جدیدة من العملیات.
التنظیم تعرض إلى ھزائم كبرى في العراق وسوریة، ولا أحد یعتقد أن التنظیم قادر على شن حملات على ذات طراز ما شھدناه في العراق وسوریة، من حیث السیطرة على مساحات واسعة، أو السیطرة على ثروات مالیة، وغیر ذلك.
ھذا یعني ان التنظیم اذا استطاع ترتیب اموره جیدا، فھو امر خیار من خیارین، أولھما التركیز على العملیات الفردیة، عبر مواصلة استقطاب الأنصار في دول العالم، وھذه اخطر بكثیر، من العملیات الجماعیة، وثانیھما، البحث عن ساحة بدیلة، لساحات العراق وسوریة ولیبیا، وھذا امر یواجھ تعقیدات كثیرة، ولیس بالبساطة التي یتصورھا كثیرون، خصوصا، ان الساحات التي تعد خارج ید التنظیم، لا یمكن ان تصبح تحت سیطرتھ، بشكل مفاجئ، ودون سابق مقدمات.
على الأغلب سوف یبدأ التنظیم الآن، حملة دعائیة واسعة، من اجل استعادة الاستقطابات ، على المستوى الفردي، وخصوصا، في أوروبا وأسترالیا والولایات المتحدة، مع الإقرار ھنا، أن ھذه المواقع لا یمكن اختراقھا بھذه السھولة وإن كان الامر واردا، ولنا أدلة كثیرة، على عملیات سابقة، مثلما سنسمع عن عملیات قریبة في ساحات آمنة، وجدیدة، ومفاجئة، تعویضا عن خسائر الساحات الكبرى.
التعلیق الأھم، الذي قرأتھ حول ظھور البغدادي، كان من قارئ عادي، سأل بكل بساطة، اذا ما كان أبو بكر البغدادي شخصیة حقیقیة أو وھمیة، أو أنھا شخصیة تم توظیفھا لأجندات محددة، ضد المحور الإیراني في العراق وسوریة، ولغایات تخریب المنطقة، وبعد أن نفذت الغایات الوظیفیة لوجود التنظیم، وبات خطرا على دول أخرى، كان لا بد من تصفیتھ، وإنھاء وجوده في المنطقة.
على الأرجح نحن أمام شخصیة حقیقیة، تم توظیفھا أیضا، عبر ترك مساحات واسعة لھا لتتحرك تنظیمیا، بھدف تصفیة الحسابات مع معسكرات أخرى، ولأن اللعبة تجاوزت الحدود المفترضة، كان لا بد من إنھاء التنظیم، في ھذا التوقیت بالذات.
الأمر المھم، في الفیدیو الذي ظھر فیھ البغدادي، أنھ یتحدث عن عملیات كثیرة، ینسبھا إلى التنظیم، وعملیات أخرى مقبلة على الطریق، لكنھ لا یتحدث ولو تلمیحا إلى مصیر آلاف المقاتلین الذین تركھم في العراق وسوریة.
ھذا یعني ضمنیا، أن أمام ھؤلاء خیارات محدودة جدا، إما محاولة العودة إلى بلادھم، وھذا أمر صعب، وإما تسلیم أنفسھم للسلطات العراقیة والسوریة، وإما تنفیذ عملیات جدیدة، ھربا من المصیر الذي ینتظرھم، والمھم ھنا، أن التنظیم یتخلى عنھم فعلیا، ویتركھم لمصیرھم، ولا یترك لھم، مخرج نجاة، ولا حتى خطة عمل، وفي كل الأحوال ھي خیارات صعبة جدا، تقودنا إلى قرب نھایة التنظیم.
استغرقت قصة داعش، من عمر المنطقة، والعالم، عدة سنوات، وتسببت بأضرار كثیرة، للمنطقة، ولسمعة الإسلام في العالم، وعلى الاغلب فإن التنظیم في نھایات وقتھ، ولن یستمر، برغم كل الاحتمالات التي تم طرحھا سابقا، وقد نجد أنفسنا أمام ولادة تنظیم جدیدة، من تنظیم داعش، ضمن رؤیة جدیدة، وصیاغة مختلفة، تأخذ في بالھا كل الدروس السابقة، وھذا یعني اننا أمام تطور مختلف، سنراه ھذا العام، تحت عنوان جدید، وفي موقع جدید، أیضا، بحیث یكون داعش الأب الروحي، لكن التنظیم الجدید، مختلف في بنیتھ، وبعض أفكاره، وساحاتھ، ووسائلھ أیضا.
الغد