رسالة الملك للواء حسني .. مرحلة حزم وانضباط
ادم درويش
02-05-2019 06:51 PM
تختلف الرسالة التي وجهها القائد الاعلى للقوات المسلحة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الى اللواء(الفريق الان) عدنان الجندي عند تعيينه مديرا للمخابرات قبل سنتين وشهر ويوما واحدا عن الرسالة التي وجهها الملك الى اللواء احمد حسني المدير الجديد لدائرة المخابرات العامة في اليوم الاول من ايار ..
الرسالة الاولى حملت امنيات بالنجاح والتوفيق والعمل بجدية ومدح وثقة بالرجل الذي جاء بعد مدير اكثر صخبا ممن بعده... اما الثانية فقصتها قصة وفيها ملاحظات اراد الملك ان تبث على العامة لتكون رسالة للجميع من خلال الباشا الجديد.
افرد جلالته مساحة من الاطراء على الشخصية الجديدة لافتاً الى معرفته الشخصية به :" وقع اختياري عليك في هذه المرحلة، لما عرفته عنك من مقدرة وكفاءة في المواقع التي توليت في دائرة المخابرات العامة على امتداد مسيرة خدمتك الطويلة فيها".. وفي ذلك رسالة الى الداخل المخابراتي انه مطل ومتصل مع منهم دون المدير ويعرفهم واحدا واحدا..
اوضح الملك بكل صراحة ان تغيير الفريق الجندي باللواء حسني جاء على ارضية ان المرحلة بحاجة الى شخص قوي يواجه تحديات المرحلة القادمة ..:"وقع اختيارنا عليك لتتولى إدارة دائرة المخابرات العامة، في هذه المرحلة الدقيقة التي تواجه فيها منطقتنا بأسرها تحديات جمة وغير مسبوقة، ويواجه فيها بلدنا الحبيب تحديات فرضتها عليه المتغيرات الإقليمية والمناخ العالمي العام الفريد والمتوتر".
ووضع الملك برنامج عمل الادارة الجديدة وفق آلية واضحة ارتكزت على المضي قدما بثبات وعزم وثقة على درب خدمة بلدنا وحماية أمنه وأمان مواطنيه، وفي رصد كل المحاولات اليائسة التي نلمسها - خصوصاً في الآونة الأخيرة - والهادفة للمساس بالثوابت الوطنية الأردنية، والتعامل معها بفاعلية...
وطلب الملك بوضوح الى التصدي لكل من تسول له نفسه محاولة العبث بالمرتكزات التي ينص عليها الدستور الأردني، وفي مواجهة البعض ممن يستغلون الظروف الصعبة والدقيقة التي نمر بها، والهموم المشروعة، التي نعمل على تجاوزها، لدى بعض الفئات في مجتمعنا، طلباً لشعبية زائلة، تاركين بذلك أنفسهم، سواءً عن علم أو جهل، عرضة للاستغلال من جهات عديدة لا تريد لنا الخير وتعمل على العبث بأمن الأردن واستقراره.
الاخطر والاهم في رسالة الملك للواء حسني هو ما اعلنه الملك عن عدم خلو الدائرة - شأنها في ذلك شأن أي مؤسسة او إدارة حكومية أخرى- من بعض التجاوزات لدى قلة قليلة كما وصف جلالته ، حادت عن طريق الخدمة المخلصة للوطن وقدمت المصالح الخاصة على الصالح العام، الأمر الذي تطلب حينها التعامل الفوري معه وتصويبه.
وخلاصة الامر كانت رسائل الملك الشفافة بالقول "يتعين علي هنا أن أعيد التأكيد والتشديد على أن مثل هذه التصرفات الفردية والسلوك المستغل لهذه القلة القليلة، التي تناست ونسيت أن السلطة والمناصب، وعلى كل المستويات، تصاحبها وتتلازم معها بالضرورة المسؤولية والمساءلة، ولم تتعامل مع السلطة والمنصب على أنهما تكليف وواجب خدمة وطني ينبغي أن لا يحيد قيد أنملة عن اعتبارات تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، يجب أن لا تؤدي بنا إلى الوقوع في شرك إصدار أحكام عامة مغلوطة وظالمة وسوداوية حول مؤسساتنا وأجهزتنا أو التشكيك في مصداقيتها أو نزاهتها أو تفاني ونزاهة السواد الأعظم من العاملين فيها وإخلاصهم".
رسالة الملك مهمة للغاية وفيها من الملاحظات القاسية والواضحة بذات الوقت للجهاز ومؤسسات الدولة والمواطنين بعد حالة من التراخي في بعض المفاصل معلنا ضرورة التعامل مع الامر باكثر انضباطية وحزم ما يؤشر على مرحلة مختلفة نرجو ان لا تنعكس على هامش الحرية الذي اعلنه الملك مرات ومرات مع الحفاظ على الثوابت الدستورية المصانة من الجميع..
اما اسباب الرحيل للفريق الجندي بهذه السرعة فستبقى لغزاَ تفسيره يجيء مع الايام لكن الملفت انه لم يعين مستشارا للملك كاكثر المدراء السابقين رغم توجيه الملك له رسالة شكر وترفيعه الى رتبة فريق وهذا كله شأن ملكي سام !