بعيداً عن الستين مليون رسالة قصيرة التي تبادلها الأردنيون في العيد كان ثمة رسالة راجفة كتبتها الأحداث الدامية التي ضربت مجتمعنا خلال اقل من شهر، بداية من عجلون مروراً بالمزار الجنوبي (أم حماط) ومأدبا ثم عودة لعنجرة ثم شملت للرمثا.
رسالة راجفة بـخوف مشروع يضع أيادينا على بوابة القلوب : إنها عودة قهقرى لما قبل الدولة وأبعد!!.
لا أريد أن أقف عند جرائم فردية تقع في أي محتمع، لكنها تنسحب في مجتمعنا لتكون جماعية، ولا أريد أن اتنهد على سوء إدارة الكارثة في مثل هذه الأحداث ابتداء من اغلاق عنجرة بالكامل ليومين، وقطع الكهرباء عن أحياء فيها، مما أزم الموقف، واعطى صورة الحرب، ولا أريد أن أقف عند (قضاء الله وقدره)، القضاء الذي هرس رأس شاب يافع تحت عجلة ناقلة لقوات الدرك، ولكني سأقف عند صرخة اطلقتها قبل أسبوعين في مقالتي(الجلوة وفورة الدم)، اعترضت فيها على بند خطير ورد في العطوة الأمنية التي تمت بين عشيرتين في عجلون، نص على عدم ملاحقة الذين أحدثوا أضرار في ممتلكات الآخرين.
وكما توقعت في ذات المقالة، يتكرر المشهد، وتحرق محلات وبيوت، ويروع الناس، تحت مسمى فورة الدم، فماذ ذنب إنسان اقدم ابن ابن ابن ابن عم جد أبيه على جريمة قتل، وإذ به يعاقب عليها بحرق بيته أو مصدر رزقه ، ثم ما فائدة أن يبني الواحد بيتا يكلفه دم قلبه؛ ليحرق في حدث مشابه، دون أن يلاحق الفاعل ، إذن من المناسب أن نعود إلى بيت الشعر؛ كي نهد ونرحل كلما ضربنا خطب!!.
انصح بتشكيل وزارة جديدة ضمن مسمى (وزارة التعويضات)، إنسجاما مع قرار رئيس الوزراء خلال زيارته لعنجرة، الذي أوعز فيه بتشكيل لجنة لحصر الأضرار والحرائق، التي تمت تحت هيمنة (فورة الدم)، من أجل التعويض.
رئيس الوزراء لا يعلم أنه فتح على الحكومة عش الدبابير من أوسع ابوابه، فالحبل على الجرار، وستتكرر الأحداث المماثلة من الشمال للجنوب، مما لا يجعل وزارة التعويضات ضرورة حتمية فحسب، بل وزارة بموازنة ضخمة متزايدة.
هذا القرار ليس صائباً، وهو لا يطيب الخواطر كما يعتقد، لأن أحداثا ستتم في ظله، وحرائق ستندلع في أموال الناس تحت جناحه ، فما دامت الدولة ستتكفل بالدفع، وما دام مرتكب فورة الدم لن يلاحق، فعلى الدنيا السلام!!.
وهنا لا أكتفي بالمطالبة الضرورية بملاحقة من يعتدي على أموال الناس، بل أن تخصم قيمة الأضرار كاملة من (الدية)، التي تدفع عند الصلح بين الطرفين. وحمى الله الأردن وشعبه.
ramzi972@hotmail.com