الإشكالية الدستوريّة في المُلاحقة الجزائيّة للوزراء
سيف زياد الجنيدي
01-05-2019 06:51 PM
تُشكّل الرّقابة البرلمانيّة السياسيّة على أعمال الحكومة إحدى أركان النّظام البرلمانيّ، وتصل أبعاد هذه الصّلاحية الدستوريّة إلى طرح الثّقة بالحكومة وسحب شرعيتها وإقالتها.
وفي المُقابل، من مُقتضيات هذا النّظام الذي نشأ وترعرع في كنف المملكة المتّحدة مئات السّنين منح السّلطة التنفيذيّة صلاحية حلّ البرلمان وإنهاء وجوده.
أمّا المُلاحقة الجزائيّة بحق الوزراء، فاجتهد المُشرّع الدستوريّ الأردنيّ بمنح مجلس النّواب صلاحية في هذا الشّأن؛ حيث علّق تحريك دعوى الحق العام بحقّ الوزراء على قرار اتّهام من قبل مجلس النّواب لتتولى النّيابة العامّة بعدها مباشرة صلاحيتها في نطاق المُلاحقة، بل وحصر محاكمتهم بالمجلس العالي على اعتباره محكمة خاصّة لمحاكمة الوزراء.
جاء التّطور المُجتزأ على الرّغم من أهميته بموجب التّعديل الدستوريّ 2011، الذي أعاد للسّلطة القضائيّة حقّها في مُحاكمة هذه الفئة من المُجتمع بعد انتزاعه لفترةٍ طويلةٍ لصالح المجلس العالي، واستبدل صلاحية مجلس النّواب بالإحالة إلى النّيابة العامّة عوضاً عن الإتّهام، وهو قيّدٌ غلّ يد النيابة العامّة عن ممارسة صلاحيتها في تحريك دعوى الحق العام.
لم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، فقد عاظم المجلس العالي ذاته باعتباره جهة تفسير الدستور حينها أبعاد هذا القيد بموجب قراره التفسيريّ رقم (1) لسنة 1990 الصّادر بتاريخ 28 أيار 1990 ، وذلك بشمول الوزراء غير العاملين بشرط الإحالة هذا ما دام اقترن ارتكاب الجريمة بظرف زمنيّ، وهو أثناء تأدية وظائفهم.
وبالنّتيجة، نتفيأ اليوم ظلال عقبةٍ دستوريّةٍ لمُكافحة الفساد الذي هو حلم كلّ مواطن نتيجة قرار المجلس العالي لتفسير الدستور، ما ينبغي التأكيد على ضرورة السّعي نحو بلوغ مرحلة تقويمٍ لما اعترى الدستور من أحكامٍ مُضافةٍ كهذه مسّت جوهره، وشكّلت عائقاً نحو بلوغ الإصلاح السياسيّ والإداريّ. كما آن الأوان أن ترتقي استقلالية النيابة العامّة في تحريك دعاوى الحق العام إلى المرتبة الدستوريّة سعياً في صون استقلالية القضاء المُطلقة.