زيارة الملك الى دمشق .. رسالة هامة في وقت حساس
نشأت الحلبي
23-09-2009 08:41 AM
لربما اعتقد كثيرون أن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الأخيرة الى العاصمة السورية دمشق قد جاءت ضمن تبادل الزيارات البروتوكولية، لكن هذه الزيارة، والتي رافقت جلالته، جلالة الملكة رانيا العبدالله، قد حملت دلالات أكثر أهمية، وأرسلت أيضا رسائل ذي مغاز سياسية لا بد وأن عواصم عدة، وعلى رأسها واشنطن وتل أبيب، قد قرأتها بطريقة لا بد وأنها ستترك أثرها على ما ستحمله الأيام القليلة القادمة خاصة على ما يطبخ في واشنطن في ما بات يعرف بخطة الرئيس الأميركي باراك أوباما للقضية الفلسطينية، وهي الخطة التي ستنعكس آثارها على الشرق الأوسط برمته، وعلى طبيعة العلاقات العربية تحديدا، مع واشنطن.
مؤخرا، بدا الأردن اكثر ارتياحا بعد الرسائل السياسية الهامة التي أطلقها رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل، والمقيم في دمشق، خلال زيارته الى عمان للمشاركة في تشييع جثمان والده، فخطاب الرجل بدا متوازنا إتجاه الاردن، مما ارسل رسالة مهمة الى عمان بأن دمشق لا تلعب على الخلاف بين عمان وحماس، وهو الامر الذي ما لبثت تل ابيب تحاول النفخ فيه لزيادة الفجوة بين سوريا والاردن لتمرر مؤامراتها إتجاه المنطقة وعلى رأسها مؤامرة الوطن البديل التي ما زال سياسيون إسرائيليون متطرفون يحاولون تسويقها في العالم وخاصة في واشنطن وغيرها من عواصم القرار العالمي المؤثرة، وفي حين يحاول كثيرون دعم إسرائيل بهذا المخطط من خلال ممارسة ضغوط عدة على الأردن بشتى السبل، فإن الأردن أكد في الطريق الى دمشق بأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل لا يعني بكل تأكيد تخليه عن دعم الحق العربي أينما كان، فإذا لم تحصل سوريا على حقها المشروع في أرضها المحتلة في الجولان عبر التفاوض السلمي وبرعاية دولية عادلة، فإن هذا مؤشر يؤكد على أن الأردن مستهدف، فإستهداف دمشق هو إستهداف لعمان، والعكس صحيح، فدعم الأردن للحق السوري يعني الدفاع عن الأردن في وجه المؤامرة الصهيونية التي تهدف الى تذويب الحق الفلسطيني في حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية عبر مؤامرة الوطن البديل وهو ما تنبه له الاردن، وتحركت الدبلوماسية الأردنية وعلى أعلى مستوى لمواجهته، مع التأكيد على الثابت الأردني بضرورة العودة الى توحيد الكلمة الفلسطينية وإنهاء الحالة الشاذة المتمثلة بإنسلاخ غزة عن باقي الجسد الفلسطيني، فالأردن ما زال يرى في هذا الوضع أهم الممرات الآمنة لإسرائيل حتى تنفذ مؤامراتها سواء إتجاه الأردن أو إتجاه الفلسطينيين.
إذن، فالرسالة الملكية من زيارة دمشق، والتي أتت في وقت حساس تمر فيه عملية السلام خاصة بعد تفرد اليمين المتطرف في حكم إسرائيل، كانت موجهة خصوصا الى واشنطن، بأن الأردن لن يوافق بكل الأحوال على أية خطة بخصوص الشرق الأوسط قد تستثني الحق السوري الذي تبتلعه إسرائيل، وهذا ينسحب أيضا على الحق اللبناني في مزارع شبعا، إضافة الى عدم موافقة عمان، وبشكل مطلق، على أي حلول لا تنتهي الى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وتضم كافة الاراضي الفلسطينية المحتلة بعد عام 1967.
وفي حين تحمل هذه الرسالة دلالة أكثر أهمية بتأكد عمان على أن الصراع هو صراع إسرائيلي عربي في أساسه وليس محصورا فقط بين الفلسطينيين والإسرائيليين حسب ما كانت تحاول إسرائيل دائما تسويقه في العالم على طول السنوات الماضية حتى تتفرد بالفلسطينيين وتزيد من عدوانها اللئيم كما جرى في حربها الأخيرة على قطاع غزة، فإن عمان تؤكد بأن أي حل لهذا الصراع دون التأكيد على هذه المبادئ الأساسية التي تضمن كافة الحقوق العربية، يعني بأن إسرائيل ما زالت تستهدف الأردن، وهو بالتالي ما يعني بأن أية إتفاقية للسلام لن تكون بعد هذا محصنة ما دام أن الشر الإسرائيلي يطال الجميع.
Nashat2000@hotmail.com