الوعي الأردني الباكر لمخططات اليمين الصهيوني
محمد يونس العبادي
01-05-2019 01:59 AM
وكأننا ما زلنا ونحن نقرأ احدى أطول خطابات الملك الحسين (طيب الله ثراه) نقرأ سياق ما يجري اليوم، من تبعات صفقات القرن وسياسات الاحتلال المتطرفة.
وفي خطابٍ للملك الحسين عام 1986م، كانت السياسات الاسرائيلية محل تحذير، إذ حذر (طيب الله ثراه) من ادامة الاحتلال لاستيعاب الارض وهضمها بالتدريج اعتماداً على قوتها العسكرية لمعالجة هذه المشكلة، وحذر أيضاً من أي محاولة لزعزعة ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، قائلاً: " إن ثبات الشعب الفلسطيني على ارضه، والدعم الأردني، مكنه من فرض قضيته على جدول اعمال المحافل الدولية".
حيث أكد الحسين أن الثبات الفلسطيني جعل من القضية الفلسطينية احدى القضايا التي تناقش في كل دورة من دورات الامم المتحدة وفي مختلف المؤتمرات الدولية والمنظمات الاقليمية".
وشرح الخطاب الهام، الذي يعبر عن دلالات الفكر السياسي للحسين، رؤية اسرائيل للشعب الفلسطيني حيث تراه شعبين: (في الخارج ويتصل بتخطيطها للأرض الفلسطينية لأنه منفصل عن الارض، وآخر في الداخل وترى فيه المشكلة وصانع المعضلة والعدو الاول لها ,لانه مقيم على الارض).ورأى أن اسرائيل تسعى إلى فصل الشعب بالداخل عن ارضه.
وقال الحسين إن اسرائيل تعمل على الداخل الفلسطيني، من خلال خطين، هما: "الاستيلاء التدريجي على الارض بالاستيطان وغير الاستيطان، والضغط على الشعب الفلسطيني بقصد زحزته وفصله عن الارض وتهجيره".
وحذر من أن هذه السياسة، والتي ما زالت لليوم، هي قوام السياسة الاسرائيلية ازاء القضية الفلسطينية، مؤكداً على أن تمسك الشعب الفلسطيني بشكل رئيسي بأرض وطنه والى حد كبير الأجراءات والسياسات التي اتبعها الأردن سواء ادارية او سياسية او اقتصادية ومالية وتربوية واعلامية أسهمت بتمسك الشعب الفلسطيني بأرضه.
وبقي السؤال الذي ردده الحسين إلى اليوم محل جدل في الساحة الإسرائيلية، والقائل: "ماذا تفعل اسرائيل بالشعب الفلسطيني؟,وبخاصة ان استمرار وجوده على ارضه ومقاومته للاحتلال".
ونعود إلى الخطاب لنقرأ محاولات الحسين (طيب الله ثراه) لاجتراح أسئلة في عمق السياسة الاسرائيلية، شارحاً ثلاث اجتهادات في المؤسسة الاسرائيلية، وهي:
الاجتهاد الاول بقول: ناخذ اكبر جزء من الارض الفلسطينية المحتلة وهو الاقل كثافة سكانية ونعيد للأردن الجزء المتبقي وهو الاكثر كثافة وقد حمل هذا الاجتهاد اسم الخيار الاردني ورفضناه.
اما الاجتهاد الثاني: فيقول :ناخذ الارض كاملة ونعطي السكان الفلسطينين حكماً ذاتياً لا يعطيهم حق سيادتهم على ارضهم من منطلق اعتبارهم جالية اجنبية كبيرة على ارض اسرائيل وبذلك نفصل السكان عن الارض تمهيداً لتهجيرهم وفق ظروف مواتية ستنشأ في المستقبل ورفضه الفلسطينين .مثلما رفضناه نحن.
أما الاجتهاد الثالث : فينادي باخذ الارض وطرد السكان باتجاه الشرق وذلك باستخدام القوى العسكرية وهذا الاجتهاد لا يؤثر فيه الرفض بل الاعداد والاستعداد ومن المهم ان نلاحظ أولاً ان كلا من الاجتهادات الثلاثة ينطلق مبدأين هما:
مبدأ تلازم مصير الشعبين الاردني والفلسطيني .ومبدأ فصل الشعب الفلسطيني عن ارضه
وثانيا : ان الاجتهاد الثالث وهو المستند الى الخيار العسكري قد جاء متأخراً عن الاجتهادين الاخرين من الناحية الزمنية حيث انه أخذ يبرز في حملة الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة ولاصحابه اليوم عدد من المقاعد في الكنيست الاسرائيلي وهو آخذ في التنامي وهو الذي يلون الطيف السياسي الاسرائيلي الحالي باللون اليميني المتطرف وهو الذي وجد في اليمين الامريكي مؤخراً حليفاً متحمساً لتوجهاته لانه يصور لذلك اليمين الامريكي انه القادر على حماية مصالحه ويشكل قوة بتواجده في قلب الوطن العربي الممزق الاوصال فكراً ةعملاً وثأتيراً ان سيطرة هذا الاجتهاد على المسرح السياسي الاسرائيلي او لجمه تعتمد على عوامل عدة نشكل نحن العرب ًفي وعينا لما يجري وموقفنا منه وسلوكنا نحوه احد اهم هذه العوامل ان لم يكن اهم عامل منها.
فهل حان الوقت لنستخلص وبشكل خاص الاخوة الفلسطنيون خارج الارض المحتلة على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم النتائج الصحيحة فنوجه الاهتمام ونركزه على الارض ومن عليها؟
ويؤكد الحسين أن الأردن باشر في دائرة الفعل الذي أسهم في نضوج الشخصية الفلسطينية وتمسكها بأرضها ومدها بكل أسباب الحياة لتبقى.. إنها السياسة الهاشمية التي تقينا من تبعات ما يطبخ في العقل الإسرائيلي، وحكمة الحسين الموصولة حتى يومنا هذا .. والتي يعززها مليكنا المفدى.