الإرهاب عابر للحدود للقوميات وللديانات
حمادة فراعنة
30-04-2019 04:18 PM
مثلما رفضنا المسّ بمساجد مدينة كرايست تشرش في نيوزلندا، وبالاعتداء على كنائس سيرلانكا في يوم عيد الفصح المجيد، نرفض ما حصل من اعتداء على كنيس شاباد بمدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأميركية .
المعتدي على الكنيس اليهودي جون تي أرنست، وصف نفسه وموقفه العقائدي مثل برنت تارانت الأسترالي الذي اعتدى على مسجدي نيوزلندا يوم 15 أذار 2019، وبصرف النظر عن تفاصيل الاعتداءات على المساجد أو الكنائس أو الكنس، فهي اعتداءات على بيوت العبادة لأصحاب الديانات المفترض أنهم يحترمون مرجعياتهم الواحدة للديانات جميعاً وإن اختلفوا في كيفية الوصول إلى الله الواحد الأحد.
لا شك أن الدوافع التضليلية التحريضية مصدرها كره الآخر، وعدم الإقرار بالتعددية، رغم أن التعددية سمة أصيلة وثابتة لدى الإنسان، ولدى الديانات، ولدى العقائد، ولدى البشر، وعدم الإقرار بها يعود إلى العمى العقائدي، والتفكير المغلق الأحادي، والاحساس بالأنا المتعظمة المريضة، وأنها أفضل من الآخر وأعظم منه، وأن الآخر دوني، وأن إيمان كل طرف يتفوق على الآخر، والنظر إليه بعداء وأنه البديل .
حالة من الفوضى اللاأخلاقية، وعدم الاستقرار القيمي لدى بعض المجتمعات يُغذيها التطرف الدولي وينتقل إلى ممارسة الإرهاب والقتل ضد الآخر، بهدف تصفية وتحرير العالم منه، إستناداً لمن يسمع أو يقرأ من تحريض ضد الآخر ومشروعية المس به، ألم يحصل عندنا عندما اعتدى أحدهم على الكاتب المميز الراحل ناهض هتر لأن القاتل توهم أن حتر الذي لم يلتقيه ولم يسمع منه ولكنه سمع من بعض المحرضين عنه، أنه يمس بالعقيدة، فأقدم على فعلته الجرمية بوعي ورضى النفس، وهنا تكمن الخطورة والفاحشة، فالأفراد الذي ارتكبوا جرائم الاعتداء على المساجد والكنائس والكنس، حالات مرضية شبيهة لبعضها البعض، في التفكير والسلوك والخيار، مليئة بالغلو والتحريض ومسكونة بالكره والعداء للآخر .
بعد الحرب العالمية الثانية، وعلى خلفية الاستفادة وعدم تكرار جرائم النازية والفاشية، سادت قيم إنسانية مشتركة، تجسدت بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبوثائق تم إقرارها، اشترطت على الدول قبولها والالتزام بها حتى تنتمي للمجتمع الدولي المعاصر ومؤسساته ومنظماته الأممية، وغدت معيارا للحكم على المواقف والسلوك للقيادات وسياسات الدول، ومع الأسف وبكل مرارة نجد اليوم ظواهر لدى بعض البلدان، ولدى بعض القيادات، من يتطاول على قيم حقوق الإنسان، من أجل السلطة والمال والتجارة والمصالح الضيقة، وإلا ما معنى ما تفعله المستعمرة الإسرائيلية في فلسطين، أليست وريثة للنازية والفاشية، ومثيلة لداعش والقاعدة في سلوكها في اضطهاد الشعب الفلسطيني وقهره والمس بحياته والاعتداء على مقدساته الإسلامية والمسيحية ؟؟ وماذا يعني الدعم الأميركي لهذه الإجراءات أو السكوت عنها أو حمايتها من أية مساءلة دولية نحو إدانتها وعزلها .
التطرف والإرهاب عابر للحدود، يمس بكل المجتمعات والشعوب والديانات، ووقفه يحتاج لقيم إنسانية عابرة للحدود تنتصر للإنسان بصرف النظر عن دينه وقوميته ولونه.
h.faraneh@yahoo.com
الدستور