في خبر طريف أوردت وكالات الأنباء العالمية خبرا مفاده أن الشرطة البرازيلية ألقت القبض على طائر ببغاء ساعد عصابة لتجار المخدرات في الهرب من قبضة الشرطة، حيث أطلق صرخاته التحذيرية «أمّاه، الشرطة هنا»، فأفلتت العصابة ووقع الببغاء فدائيا لصالح المجرمين، الأطرف أن الببغاء الذكي لم ينطق بصوت منذ اعتقلته قوات الأمن، حتى أن الطبيب البيطري المختص حاول بكل الطرق إستنطاقه ولم يفلح، فذلك الببغاء الذي تم تدريبه على الإنكار،بقي وفياً للمجرم الكبير..فهل يذكرنا هذا بشيء ما؟.
في زمن عمان القديمة، كان هناك رجل يجلس في مطعم «معتوق» على الدوار الثالث، حيث كان إسمه حينها دوار معتوق، كان الرجل يجمع الرواد حوله لتبادل النكات والطرف لغايات تضييع الوقت، كما يحدث اليوم في عالم السخرية الأردني من الأوضاع المزرية، ثم لا شيء يتحسن، فكانت إحدى النكات عن ببغاء وضعه صاحب أحد المواخيرعلى شباك ماخوره، وكلما شاهد الببغاء سيارة الشرطة، صاح بهم: «كبسة يا (...)، ولكن لم نصدق أن هناك ببغاءً يلعب هذا الدور حقيقة، لتهريب اللصوص والمجرمين وباعة الأوطان.
يلعب «شرطي الوطن» غالباً دور البطل الذي يبحث عن اللص الكبير للإيقاع به وجلبه للمحاكمة وإعادة المسروقات لأصحابها، وأحيانا يمتلك اللصوص خزائن كبيرة لإيداع المسروقات والأموال، ثم لا يكتفون بما سرقوه، فكل يوم يبحثون عن كنز جديد ولا يقنعون، وهم موجودون في كل الطبقات سياسة كانت أو وظيفية أو جاسوسية، فيما الشرطي الشريف يكتفي براتبه الشهري لينفق منه على عائلته، مقتنعا بوطنيته ورزقه، ولكن الوسواس الكبير الذي يقلقه هو عدم تمكنه من إيقاف سلسلة الجرائم السياسية والمالية الكبيرة، دون أن يفهم السبب.
السبب هنا هو وجود ببغاوات كثيرة تلعب دور صافرة الإنذار، فمطاردة لصوص الأوطان لا تعني القضاء على السرقات، بل إن القيام بالواجب هو المهمة الأصيلة للشرطي، ولكن مع كثرة اللصوص يبقى اللص الكبير مختفيا خلف الحائط، فهو المسؤول عن ماكنة التفريخ اللصوصية وتربية الببغاوات الدفاعية، ولهذا تسقط الدول مع أول حركة تآمر أو إختناق إقتصادي، لأن الشرفاء لا يمتلكون أي قرار، والبسطاء يملأهم الحقد جرّاء فقرهم، والنتيجة يثور الناس دون وعي ّ أو معرفة، فيما اللصوص الكبار يشاهدون أخبار بلدهم على شواطئ الكاريبي والببغاوات تغرد لهم عبر الأثير.
في عالم الجريمة الوطنية هناك دائماً حلقة مفقودة، فأي حربة تستهدف النيل من السيادة الوطنية، نجد محامي الشيطان يستخدمون أحاييلهم ودهاليزهم القانونية وتدوير المصطلحات السياسية للدفاع عن «موكليهم الكبار» وصنع طوق حمائي لمنع أي إجراء ضد الخونة، بل وتمرير كل ما يتم التخطيط له، مقابل المال، المال وليس غير المال شيء، ولهذا وجدنا الفرق بين الزعامات الوطنية العتيقة المحفوظة في وجدان الشعب رغم فقرهم، وما بين أقزام يتجولون بحقائب الأموال والمناصب وليس بينهم قامة محترمة.
Royal430@hotmail.com
الرأي