في أميركا يقال أن وضع حد للركود الاقتصادي والعودة إلى حالة الانتعاش تتوقف أساسا على سلوك المستهلك، فإذا عاد للاستهلاك بدلا من الادخار فإن الاقتصاد ينتعش والركود ينتهي.
ليس هناك دعوة مماثلة لزيادة الاستهلاك في الأردن كوسيلة لإنعاش الاقتصاد وتحفيز النمو، والسبب واضح وهو الفرق في البنية الهيكلية بين الاقتصادين الأميركي والأردني.
في أميركا تؤدي زيادة الاستهلاك إلى زيادة مماثلة في الإنتاج لأن الجزء الأكبر من السلع والخدمات المستهلكة مصنوع محليا، أما في الأردن فالعكس صحيح، وحتى المنتوجات الصناعية الأردنية تحتوي على 67% من المواد المستوردة.
في أميركا زيادة الاستهلاك ترفع الإنتاج وبالتالي الأرباح وفرص العمل، وفي الأردن زيادة الاستهلاك ترفع الاستيراد والمديونية.
في مناخ الأزمة ارتفع ادخار العائلات الأميركية من 1% إلى 7% تحوطا للمستقبل، وفي الأردن يزيد حجم الاستهلاك عن الناتج المحلي الإجمالي ويتم تمويل الفرق من مصادر خارجية كحوالات المغتربين والمنح الأجنبية.
الاقتصاد الأميركي يشكل ربع اقتصاد العالم وبالتالي يهمنا كثيرا أن نراقب أداءه وسياساته ونتائجه، ولكن تجربة أميركا وغير أميركا ليست قابلة للنقل كما هي إلى الأردن.
نحن مغرمون بالتشبه بالآخرين، وهناك من ظن أن علينا استنساخ تجربة سنغافورة، أو ايرلندا أو دبي أو غيرها من التجارب الناجحة، ولكن ما ينجح في بلد ما قد لا ينجح في الأردن لاختلاف الظروف والمعطيات.
مطلوب والحالة هذه قدر من الإبداع واستنباط الحلول ورسم السياسات التي تتلائم مع ظروف الأردن الموضوعية، وهو ما لم يحدث حتى الآن، فما زلنا نرسل الوفود إلى مختلف البلدان بحجة الإطلاع على تجاربها والاستفادة منها، أي محاولة نقلها.
حتى تشكيل المجلس الاستشاري الاقتصادي والاجتماعي لم يقدم له من مبررات سوى القول بان الفكرة مطبقة في بلدان أخرى، وأنها نجحت في فرنسا، وأنها تستجيب لدعوة منظمة العمل العالمية، وكأن هذا يشكل دليلا قاطعا على أن الأردن بحاجة لمجلس كهذا وأنه سينجح كما نجح مثيله في بلد آخر.