اجتمعنا، ثلة من الكتاب والصحفيين والاعلاميين والفنانين في «مخيم وادي برتا» في منطقة الهيدان، بدعوة كريمة من مديرية الثقافة في مادبا التابعة لوزارة الثقافة، تحت مسمى قد يكون «الملتقى الإبداعي الأول»، برعاية العزيز المخرج فراس المصري مسؤول المديرية.

لا أعرف الحيثيات التي جمعت هذه التركيبة لكنها كانت خلطة موفقة، اثبتت لي ان القاءات شبه الرسمية في عمان خلال النشاطات الثقافية لا تمنحنا فكرة حقيقية عن بعضنا، بينما النوم في مخيم والتعامل مع الاخر

كـ(نزيل) معك تحت ذات الخيمة، يجعل التقارب الروحي والفكري أكثر واقعية.

كان من الجميل أيضا رصد ردود فعل المبدعين المقطوعين من الاتصال بالعالم الخارجي، لأن المنطقة غير مغطاة بالبث الخلوي والنت طبعا. كانت الزميلة سمر غرايبة اكثرنا تذمرا من موضوع الانقطاع، لأن عملها اليومي يحتم عليها الاتصال اليومي المباشر، فكانت تشعر باليتم، لكن سحر الليل وجمال الحوارات وحسن الضيافة انساها قليلا عالم الفضاء السبراني.

تعرضنا لندوة حول أنماط الشخصية من الدكتورة هبة حدادين، تبين فيها انني والشاعر على شنينات نحمل ذات النمط من الشخصية. دارت بيننا حوارات كثيرة متعددة ومتنوعة حول نار الحطب، كما القى كل واحد منا نبذة بدقيقة او دقيقتين عن حاله، بالنسبة لي انهي النبذة في اقل من ربع دقيقة حول تجربتي الكتابية والثواني المتبقية كانت مجرد ثرثرة تحت الخيمة.

جلساتنا امتدت حتى الهزيع الأخير من الليل مع صوت المخرج الجميل زيد خليل مصطفى، الذي غنى للشيخ امام وفيروز واغنيات عراقية تراثية راقية. بالمناسبة ذاكرتي في مجال الأسماء لا تزيد عن نصف «جيجا» مع أنى تعرفت بصبايا وشباب لن انساهم قط، لكن الذي علمني الأسماء لم يعلمني طريقة حفظها، وهذا ما أفقدني القدرة عن التحدث عن الكثير ممن التقيتهم في هذا المخيم.

حسب صديقنا فراس المصري، فإن هذا المخيم عينة تجريبية، لتحسين الفكرة في المستقبل، أي اننا كنا «كتاب تجارب» أتمنى ان لا ينسونا في المخيمات اللاحقة.

كل تجاربنا كانت خلال ليلة واحدة، اذ صباح الجمعة كان الجميع على عجلة للانضمام الى عجلة الحياة والعودة الى صخب المدينة، فلم نستفد من هذا اليوم.

المخيم يحتاج الى يومين على الأقل وخمسة أيام على الأكثر، على ان يكون المشارك قادرا على الانفصال عن العالم السبراني.

أخيرا، حاول العزيز المخرج السينمائي حاتم الزعبي ان يجمعنا في إطار نفكر فيه معا مستقبلا، لكنه كان مجرد كلام لم يتخذ شكلا واقعيا وممارسة عملية، كما اننا نسينا على الأغلب ان نتبادل ارقام الهواتف للتواصل.

في المجمل كانت تجربة جميلة ورائعة وساحرة، وخلوة روحية، امدتني بالكثير مما قد أتكلم عنه مستقبلا. كانت فعلا جمعة جميلة يوم خميس.

الدستور