ان تكون قائدا متميزا بالحكمة هو مفتاح النجاح وان تصبح رجل دولة احيانا تتطلب دبلوماسية عالية وحنكة ولكن ان تصبح رجل حكم يُعتمدُ عليه يكون القرار اهم من ان تبقى متمسكا بمنصب ... وعندما يجتمع الاثنان تكون قد أبدعت وأصبحت ممن يعتمد عليه في ادارة الأزمات ..وهو من الرجال الرجال الذين استطاعوا ادارة أزمات بحنكة احيانا طوقت البلاد بحزام من نار ملتهب.
كانت خطواتي تتسارع مع والدي رحمة الله عليه في رئاسة الحكومة لمقابلة زميل له العم سعد الدين جمعة احد زملاء والدي في الدراسة ... وعندما غادرنا مكتب سعد الدين جمعة التقينا بشاب بنهاية الثلاثينيات يحمل ملفا بني اللون ... كان بشوشا وسلام حار لوالدي وقال له والدي هذا ولدي الدكتور كامل مدرس في الاردنية ...
عدنا إدراجنا وفِي الطريق سالت والدي عن الشاب الذي قابلناه فقال هذا الدكتور فايز الطراونه وهو ابن معالي احمد الطراونه ...شاب واعد والده يعتبر من اهم من كتب الدستور الاردني ورجل حكم من الطراز الفريد وتحدثنا طويلا ...
لم التقي د فايز الا عندما كلّف المرحوم الملك حسين طيب الله قراه د فايز الطراونة رئيسا الحكومة وكنت وقتها مديرا لإقليم البتراء وكانت اللقاءات نادرة الا ما كنت اسمع عن اداء هذا الرجل المخضرم سياسيا ...
شارك في ادارة ازمات اربع .. الاولى في وادي عربة والثانية اعادة العلاقات مع امريكا بعد حرب الخليج عندما اصبح سفيرا هناك ١٩٩٣ والثالثة في انتقال الحكم عام ١٩٩٩ عندما كان رئيسا للحكومة ... والرابعة عندما اصبح رئيسا للحكومة في الربيع العربي ...وازداد اتصال به حين تلقيت مكالمة هاتفيه في٢٠١٢/٧/٢٧ يعلمني بالرغبة ان أتسلم العقبة الخاصة .. كانت فترة عصيبة .. وطلب مني ان أكون حازما عادلا ... وقال : والعقبة تحتاج الى ادارة متميزة ... وربيع عربي يجتاح المنطقة وأرجو من ان تكون خادما بشغف كما عهدناك ..
من سهول مؤتة التي تنز بالشهد جاء فايز الطراونة متمكنا بإرث والده واسم عائلته ... ولكنه اقسم ان يكون لكل الأردنيين ... يتحدث عمن خدم معهم باخلاص واحترام ... يحاور ببشاشة وأريحية قل نظيرها لزملاء من جيله ... احد الأيام احتجت نصيحة منه وأرغمت نفسي على الاتصال به بعيد خروجي من الأعيان عام ٢٠١٦ ... وأخبرني بعد عشر دقايق وقال ... كامل أنا في مكتبي بانتظارك ...
جلست معه مبتسما وتحدثنا طويلا .. وقال كامل رجال الدولة والحكم قلائل .. نحن ونصيبنا ان نساهم في ادارة الأزمات وانت منهم ... غادرت الديوان من شارع الاستقلال .. وان أحاور نفسي .. مدرسة الوطن أكاديمية يتخرج منها الكثيرون ولكن قلائل هم مم يحتملوا ويتحملوا .. سيدي دولة الرئيس
ايها الفارس الممتطي صهوة الحكمة والأدب والخلق والسياسة ... اعتقد جازما ان مخزون الوطن لا ينضب ...سيدي د فايز ... جميل ان تسمع بشغف لمن شارك الوطن عقله وفكره وسيف قلم لا يتراجع ... رعاك الله وحماك ايها الفارس الاردني القومي العريق ...