يحاصرني كلامي الذي لم أقُله!
د.أسمهان ماجد الطاهر
26-04-2019 01:35 PM
الظروف الصعبة والتحديات التي نمر بها في الحياة قد تصبح بعد زمن مجرد ذكريات قاسية تؤذي جدار القلب وتخدش الروح. نؤجل العديد من القرارات ونعيش حالة من الفوضى بداعي التضحية من أجل الأخرين مع مرور الزمن يتماهى الفراغ ويمل الصبر ونكتشف أن الخسارة فادحة.
علاقات البشر أصبحت تشبه التجارة حين يصل البشر لفكرة الخروج بأقل الخسائر من الأحداث والعلاقات. كم هو صعب إحساس المرء بالخسارة حين يقدم مشاعره لمن لا يستحق أو يكون طيب مع من يتصف بالقسوة أو عندما تقبل التعايش مع من يخلق بداخلك مشاعر سلبية تجعلك تمر في الضيق والحزن ويستكثر عليك حصتك من أكسجين الحياة.
في الزمن الصعب يتجاهل المرء العديد من المشاعر والكثير من الظواهر والأخطاء السلبية التي ترتكب بحقه من أجل الإستمرار وإبقاء الوضع كما هو عليه فالجميع يكره التغير ويجد صعوبة به ويخاف من المجهول. نؤجل الإعتراف بأننا أساءنا الإختيار وقد نقبل بواقع الحال لأننا نخشى الاعتراف بالحقيقة، وفي أحسن الأحوال نلجأ إلى حالة الإنكار ومحاولة إقناع أنفسنا بأننا لم نخطيء في الحكم والتقدير.
دمعة حارة في ليلة مظلمة باردة، عتمة تلف المكان وحزن يغتال القلب هو النتيجة الحتمية التي يحصل عليها إنسان يعيش حياة بائسه مع واقع فوضوي فيه الكثير من القسوة وعدم الراحة. نقبل بالظلم ونرضى بأقل مما تستحق لأنها نخاف التغير ونخشى قسوة المجتمع في النظر إلينا إن لم نحقق المبتغى ندرك الخسارة ونقبل بها رغم أن التراجع احياناً خطوتين للوراء قد يحصد فرحا واثق الخطى.
لقد أدمن بعض البشر الألم وحاول آخرون التكيف مع الظروف القاسية بحجة أن هذا هو النصيب والقدر رغم أن الواقع يقول نحن من نصنع أقدارنا. نخاف من المستقبل فيقع علينا الظلم ونخسر الكثير من الطمأنينة والراحة النفسية التي نستحقها ونساهم في صناعة واقع مرير لا يليق بإنسانيتنا.
كم من البشر بات مهزوم ومقهور تحت شعار الوقت كفيل لكي يداوي الجراح. الوقت لا يداوي شيء نحن من نفعل بقدرتنا على رفض كل الظروف البالية المرهقة. العديد من البشر يتقن حب التضحية والصبر والإنتظار ولكن كم هو صعب وقاسي أن نفعل المستحيل من أجل من لم يفعل من أجلنا الممكن. علينا هزم كل واقع يؤلمنا وينتهك حقنا بالإحساس بالسعادة.
يقول ابن القيم: "الحزن يضعف القلب ويضر الإرادة ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن لذلك افرحوا واستبشروا واحسنوا الظن بالله". لا تسمحوا للظروف في التحكم بكم ولا تفقدوا الأمل ولا تكونوا بلا اهداف كطاحونة الهواء التي سلمت أذرعها للريح بل اصنعوا الواقع الذي يليق بكم ويجعلكم أكثر سعادة فرثاء الذات بعد ضياع العمر والفرص لا يجدي نفعاً لذلك على كل منا أن يهتم بنفسه وبصحته ويتناسى كل ما يؤذي النفس. ما أجمل النظر إلى وردة الحديقة لنتعلم منها طريقتها في الفرح.
A_altaher@asu.edu.jo