حكومة الرزاز تحل الأزمات أم تديرها؟!
ماهر ابو طير
25-04-2019 12:49 AM
علينا ان نتحدث بهدوء هنا عن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، من حيث تأجيل أقساط القروض في شهر رمضان، والتعهد بعدم فصل الكهرباء خلال الشهر الكريم، وهي إجراءات جيدة، من حيث كونها اطفائية، وتجدول الازمات، قليلا.
الغاية هنا، ليس مديح الحكومة، ولا انتقاصها دون سبب، خصوصا ان هذه الإجراءات، تثبت ان الحكومة تقدر بشكل واضح، وجود ازمة معيشية، واذا كانت هذه الإجراءات مؤقتة فقط، ولا تؤدي الى تغيير جذري، الا انها تعبر على الأقل، عن الادراك، بوجوب اتخاذ إجراءات امام الواقع الاقتصادي السيئ.
من ناحية ثانية، تبدو هذه الإجراءات بنظر البعض محاولة لاستمالة الرأي العام، تحوطا من شهر رمضان، واحتمال تكرار سيناريو العام الفائت، امام رئاسة الوزراء، او الدوار الرابع، من حيث تجمع المئات، تعبيرا عن موقف سلبي من الحكومة، وهو امر لا تحتمله الحكومة الحالية، لاعتبارات كثيرة، من بينها، وضع الاقليم، وتحديدا سيناريوهات صفقة القرن، وما قد يستجد على كل المنطقة، من تحولات خطيرة.
الرأي الذي يتبناه بعض المعارضين، عن كون هذه الإجراءات مجرد رشوة للناس، من اجل إطفاء الازمات، قبل رمضان، فيه إهانة للناس، باعتبار ان من الممكن شراء ذممهم، مقابل تأجيل قسط مصرفي، وهو كلام لا يليق ان نقوله عن المواطنين، وكأنه يمكن التذاكي عليهم، وهو أيضا، لا يضع في حسابه، ان تكرار سيناريو رمضان العام الفائت، امر وارد، لكنه قليل جدا، لاعتبارات مختلفة، ابرزها ان الظروف التي صاغت حراك رمضان العام الفائت، بشأن حكومة الملقي، وضريبة الدخل، وغير ذلك، غير قائمة حاليا، هذا مع الإقرار، ان الظرف الاقتصادي، بات أسوأ، لكن المقارنة أيضا، بين مؤشرات حراك الدوار الرابع، كل خميس، ومستوى الزخم فيه، مع ما يمكن ان يحدث في رمضان، مقارنة تقول ان لا مخزون بشريا، جاهز او حاضرا، لدعم أي حراك خلال شهر رمضان، هذا العام، خصوصا، ان حالة الانفضاض العامة، عن فكرة الحراك، تؤشر أيضا، عن يأس عام، وهو يأس يعبر عن نفسه نحو اتجاهين، الحكومة، والمعارضة، معا، وبشكل متساو.
المشكلة تكمن فعليا، ومن جهة ثانية، في مبدأ التكتيك الذي لا يحتمله الناس، أيضا، لان إجراءات الحكومة، إضافة الى احتمال اجراء تعديل وزاري، واي تغييرات أخرى في مواقع مختلفة، يجب الا تخضع لمبدأ إعادة تدوير الازمات، او جدولتها، او دفعها الى الامام، من اجل شراء الوقت فقط، وهذا يعني ان المطلوب يتجاوز بكثير، الذي نراه نحو تغييرات بنيوية، على الصعيد الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وفك الانجماد عن الاقتصاد الأردني، وفتح الآفاق للناس، بدلا من هذا الواقع.
لا يمكن ان ننشغل فقط بإجراءات الحكومة، فالأهم هو وقف التراجعات الاقتصادية، بسبب الفساد، وسياسات الضرائب، وانسداد الأفق الإقليمي، واستمرار الاقتراض، وزيادة فوائد قروض الخزينة، وما يتعرض له القطاع الخاص من ارهاق لا سابق له، بما يؤدي الى اغلاقات متواصلة، وخروج للمال من الأردن.
كل هذا يأخذنا الى الخلاصات، التي تقول ان الإجراءات جيدة، من حيث تعبيرها عن النوايا، لكنها غير كافية كونها مؤقتة، وتتزامن مع تواقيت معينة، وتدار على طريقة التحوط المباغت مما قد يحدث في رمضان، لأننا حتى لو افترضنا ان لا أردنيا واحدا سوف يخرج في رمضان، فإن هذا لا يعني ان تشعر أي حكومة موجودة بالطمأنينة، امام الازمة الاقتصادية-الاجتماعية المركبة التي تواجهها الأغلبية التي تبحث عن حل جذري، بدلا من مبدأ العيديات خلال رمضان، فقط، والعودة الى ذات الطريقة بعد الشهر الكريم.
قصتنا الأساس، ليست حراك رمضان، ولا حراك الرابع، ولا حراك المتعطلين عن العمل، فلا احد يشارك في كل هذه الحراكات ، خصم للبلد، او عدو لنا، لكن قصتنا، تتعلق بكل تعقيدات الوضع العام، وضرورة حل الازمات جذريا، بدلا من ادارتها، والفرق كبير بين حل الازمة، وبين إدارة الازمة.
الغد