يقول المثل العربي " إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب ", وعليه , فمنذ واقعة " الزرقاء ولاءات جلالة الملك المدوية الثلاث " إن جاز التعبير, بدأنا نشهد تحولات إيجابية كبرى داخليا وخارجيا .
وهي تحولات تصب جميعها في مربع المصالح الوطنية الأردنية العليا من جهة , والمصالح الوطنية الفلسطينية العليا من جهة ثانية .
فعلى صعيد وطني أردني , هناك اليوم إجماع شعبي عام ومن كل المكونات , بالوقوف وبصلابة مع الملك , في دعم ومؤازرة لاءاته الشهيرة تلك مهما كان الثمن , بمعنى هناك اليوم وحدة وطنية تتجلى تباعا لا مراء فيه .
هذا الإجماع الوطني الشامل في تبني موقف جلالة الملك حيال ما يتسرب من فصول ما يسمى بصفقة القرن , ألزم المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط " جرينبلات " للتغريد نافيا أن الصفقة تؤسس لوطن بديل في الأردن , أو لكونفدرالية إسرائيلية فلسطينية أردنية , معتبرا أن جلالة الملك والأردن حليف " قوي " للولايات المتحدة الأميركية .
تلك بداية تحول في موقف فريق ترمب , وهي بداية تطرح تساؤلا حول ماهية الوطن الفلسطيني وأين سيكون , فلا بد من أرض يفترشها وسماء يلتحفها هذا الوطن الذي هو حق شرعي مشروع لشعب يستحيل أن يتنازل عن شبر واحد من وطنه في الضفة والقطاع .
إذا كان جرينبلات وهو يدعونا للكف عن تداول ونشر ما نفاه ووصفه بالإشاعات يعني حقا ما يقول , فليفصح أكثر ولو من باب النفي أو التأكيد عن هذا التساؤل الذي يجسد لب الصراع التاريخي في المنطقة , وليقل كذلك ما هو مصير القدس والوصاية الهاشمية , خاصة بعد أن أوصل الملك ومعه سائر الأردنيين والفلسطينيين , رسالة قوية لا مساومة حولها , مضمونها أن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين , وأن الوصاية على المقدسات هاشمية , وأن التوطين مرفوض من حيث المبدأ.
مرة ثانية , لسنا ضد أن يكون الأردن والولايات المتحدة حليفان , ولكن على الحق , والإحترام المتبادل , وسماع رأي الأردن وكلمته ورؤيته . لكننا لسنا في سباق أو صراع مع أحد على هكذا تحالف , إن لم يحقق مصالحنا العليا, ومصالح أشقائنا الفلسطينيين في وطن حر مستقل على أرضهم المحتلة, وفي بيوتهم وحقولهم ومدنهم وقراهم التي هجروا منها بالقوة .
ومرة ثانية , تملك الإدارة الأميركية التي تستعد لمواجهة وشيكة مع دولة إقليمية , أن تدرك تماما , أن الحل السلمي التاريخي الحقيقي العادل لقضية فلسطين , هو في التنفيذ الكامل ل "مشروع الملك عبدالله الثاني بن الحسين " , حيث جلاء إسرائيل عن جميع الأراضي العربية التي إحتلتها عام 1967 , وقيام دولة فلسطينية على أراضي الضفة والقطاع عاصمتها القدس الشرقية , والإقرار التام بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها . فذلك هو السلام العادل الذي يباركه العالم كله , وتقبل به الأجيال من بعد .
بغير ذلك , فلتدرك تلك الإدارة أن صفقتها ليست حلا , وإنما هي " عقدة " كبرى لن تجد من يحلها بعد اليوم , بغير الصدام والمقاومة المشروعة لإسترداد الحق ! .
ختاما , العين الحمراء في مواجهة الإستخفاف والإستهانة بموقف صاحب الحق والداعي إلى العدل والحق , هي من تلزم كل مستخف ومستهين بمراجعة حساباته , خاصة عندما يكون " الملك " هو من أظهر العين الحمراء , معتمدا على الله أولا وهو نصير كل مظلوم , ثم على صلابة موقف شعبه الواحد الداعم له وبكل قوة وتجرد , إلى جانب مواقف سائر المنصفين في هذا العالم, ولو بالكلمة الحق التي ترفض الظلم والإستقواء والتنكر لحقوق الشعوب المغتصبة , وبقوة السلاح ! . والله من وراء القصد .