حكايات وحكايات تختبئ خلف الجدران منها ما يتسرب للمسامع، ومنها ما نخفيه، ونحاول أن نكتم أصوات صرخاته حتي لا تنتشر فيعلم الجميع ما يدور خلف الجدران.
اعتادت الوجوه علي الابتسام، البعض يبتسم للقدر ويسخر مما كُتِبَ في كتابه، ويتحمل ويصبر ويحتسب ، فتتحول الابتسامة إلي نور يمشي به ينير له الطريق، ويزيح عنه عتمة الألم.
البعض الآخر يبتسم ليخفي ما به من آهات، يتمنى لو يستطيع أن يصرخ، ولكن يخاف في نفس الوقت أن يسمعه أحد، فيعلم ما يدور خلف الجدران. تخفي البيوت بداخلها آلام أصحابها، أحلامهم وطموحاتهم، وتخفي المشاكل والخلافات، البعض منها يمكن أن يذوب مع الوقت، والبعض الآخر يحتاج لمعجزة إلهية تصفي النفوس وتصلح الأوضاع.
لا تنظر إلى ابتسامة غيرك ، فالبعض يتفنن في الضحك وقلبه ممزق من الألم، الابتلاءات لا تأتي في الفقر والمرض وضيق الحال فقط، أحيانًا أخرى تأتي في العلاقات بين البشر، قد تكون أنت نفسك ابتلاء لغيرك دون أن تشعر وقد يتعذب البعض طيلة عمره من أفعال بعض البشر ويخفي الحزن خلف الابتسام.
أحيانا تتأزم بك الأمور وتقف حائرًا بين طرفين لا يمكن الاستغناء عن أحدهما وتحاول تصفية النفوس دون جدوى، فتحاول أن تفصل بينهما حتى ترتاح وتريح من حولك، لكنك حينما تختلي بنفسك تنقم على الجميع، النفس البشرية بطبعها تلفظ كل ما هو غريب عن العادات التي تربينا عليها، والقيم والسلوكيات التي تحملها الأديان في طيات شعائرها، ولكن قد تتعرض إلي طاقة من النكد المستمر والخلاف الدائم الذي ينغص عليك حياتك فتضطر إلي اتخاذ القرار، وهنا لا تجد أمامك حال أردت أن تحتفظ بالجميع ، إلا أن تفصل بين أطراف النزاع وتتعامل مع كل طرف علي حدي ليبقي السلام النفسي سائدًا ويرتاح الجميع.
ولكن هل ترتاح؟ على النقيض تزداد حياتك تعقيدًا فقد تحلل الأمور وتتعاطف مع أحد الأطراف وتقف عاجزًا عن إصلاح الأمر أو إعادة العلاقات لوضعها الطبيعي ، وتحتار هل أنت علي صواب أم خطأ؟ هل أنت الظالم أم المظلوم؟ ومن يدفع الثمن ؟أمر شديد التعقيد وخصوصًا إذا كانت أطراف النزاع أقرب الناس إليك وتتمني أن تحتفظ بهم جميعًا وتتمني أن تحيا معهم حياة طبيعية كمعظم البشر.
إذا تعرضت لمثل هذه الأمور لا تحزن ،فقد تعرض من قبلك الأنبياء لمواقف بالغة الصعوبة، منهم من هجر أباه كإبراهيم عليه السلام، ومنهم من تآمرت عليه زوجته كما حدث مع نبي الله لوط عليه السلام، ومنهم من تمرد عليه ولده كما حدث مع نوح عليه السلام، ومنهم من تآمر عليه إخوته كما حدث مع يوسف الصديق. المعاناة هي سمة من سمات الحياة الأساسية، لن تنتهي إلا بإنتهاء الدنيا و الرحيل إلي الآخرة.
لستَ مطالب سوي بالصبر والدعاء والا تيأس من روح الله لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، كل ما عليك إعادة النظر والتدقيق في المشهد ودراسة كل الأمور التي أدت للنزاع بين الأطراف، لتعلم من الظالم ومن المظلوم، وهل حقًا قرار الفصل بينهم كان قرارًا حكيمًا أم أنه نوع من الهروب من المواجهة؟ تجميد الأمور ليس دائمًا هو الحل الأمثل، يجب أن تكون علي قناعة تامة بأنك اخترت الإختيار السليم، وإذا لم تكن علي هذا اليقين، فحاول من جديد، لعل الصلب يلين بالمحاولة، تحايل علي الجميع تحايلًا حميدًا بمحاولات عدة فالمكر والحيلة والذكاء مطلوب أحيانًا ،لعلك تستطيع أن تفض الخلاف وتصلح النفوس.
في هذه الدنيا الدوام لله وحده، والجميع يتأرجح بين الصواب والخطأ، حاول من جديد ، واستعن بالمولي عز وجل، فإن الماء يتغير بين السائل والصلب وفقًا للعوامل التي يتعرض لها، كذلك القلوب قد تتحجر وقد تلين وفقًا للأحداث والمواقف التي تمر بها.