هذا الدور لم يغب بل على العكس زاد تحت وطأة الضغوط والمطالبة بعودة الرعاية بالتوظيف والدعم ودليل ذلك التوسع المستمر في حجم موازنة الحكومة ونفقاتها ولو على حساب زيادة العجز والمديونية.
ليس هذا فحسب بل إن الحكومة تمتلك أصولا ضخمة غير مقيمة وأسهما في شركات تناهز قيمتها الملياري دينار، وهي لا تمارس التوظيف ورعاية مواطنيها في وزاراتها ودوائرها فحسب بل في الشركات أيضا، والحديث عن ترك الساحة لأنشطة القطاع الخاص وللإنتاجية كوسيلة حكم على فاعلية المجتمع مجرد شعارات.
تتزايد الضغوط التي تطالب الحكومة بالتدخل والقيام بمهمات أكبر وهذه الضغوط وصلت الى الشركات المساهمة العامة التي يعتقد كثير من المواطنين أنها قطاع عام، وتستطيع أن ترى ذلك بأم العين بمجرد زيارة صباحية الى مكتب رئيس مجلس إدارة أو مدير عام لاي من هذه الشركات.
لذلك ليس مستغربا أن تكون الموازنة العامة ، مقياس حجم الحكومة تعادل ضعف موازنة حكومة في العالم المتقدم بمقياس نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي وهي فوق طاقة الاقتصاد، وهو ما يجعل من مستوى الضرائب مرتفعا، ومن أعلى الضرائب المماثلة في العالم.
بالرغم من كل ما جرى تنفيذه من خصخصة وخطط وبرامج لا يزال دور الدولة في الإقتصاد مهيمنا وبينما يطلق دعاة عودة دور الدولة، العنان للصخب فهم يغفلون على واقع الأرقام أن الدولة لا تزال غارقة في الاقتصاد حتى أذنيها، وأن حصتها في الناتج المحلي الإجمالي من خلال الموازنة, تبلغ حوالي 50%. والدولة أيضا لا تزال مسؤولة عن توفير وظائف لنحو 340 ألف موظف عامل يعيلون حوالي 2ر1 مليون فرد، ولنحو 225 ألف متقاعد يعيلون 900 ألف فرد، وتسيطر على أهم القطاعات الحيوية، المياه والتعليم والصحة، كما أنها تحتفظ بأسهم استراتيجية في الشركات الكبرى حتى بعد خصخصتها.
ليس هناك من حاجة لإعادة إختراع شكل أو دور الدولة أو الحكومة، عند المواطن لا فرق بينهما ، بإطلاق عناوين جديدة ولو كانت الدولة تدار على أنها شركة لما تفاقم العجز ولما زادت المديونية ولما كان الجهاز الإداري مترهلاً يعاني من بطالة مقنعة..
الراي