ان جاءكم فاسق فتبينوا
السفير الدكتور موفق العجلوني
23-04-2019 11:18 PM
يأتي انعقاد ندوة حوارية يوم أمس الثلاثاء الموافق ٢٣/٤/٢٠١٩ في جامعة الشرق الاوسط بالتعاون ما بين مديرية الامن العام والجامعة ترجمة لتوجهات جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله في اشارة جلالته الى: " منصات التواصل أم التناحر الاجتماعي". وذلك من خلال إطلاق مبادرة فتبينوا والتي تستهدف توعية كافة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والتصدي للأخبار المفبركة والشائعات واغتيال الشخصية بما يحفظ أمن واستقرار الاردن في ظل الأوضاع والأزمات التي تعيشها المنطقة. ولتعزيز الشراكة مع كافة القطاعات الرسمية وغير الرسمية بما يخدم الاردن والاردنيين، وفي ضوء ما يشهده الاردن من محاولات مغرضة والعمل على زعزعة الاردن وأمنه واستقراره من خلال الاخبار الكاذبة والاشاعات المغرضة والمعلومات المغلوطة وكيفية مواجهة هذه الأحداث والتحديات التي يشهدها الاردن والوقوف صفًا واحد خلف جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله.
وهنا استذكر الآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾. صدق الله العظيم. ذكر كثيرٌ من المفسرين أن هذه الآية الكريمة نزلت في الوليد بن عُقْبَة، حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المطلق:
" ان الحارث بن ضرارٍ الخُزاعي رضي الله عنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأفررت بها، وقلت: " يا رسول الله أأرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة؟ فمن استجاب جمعت زكاته وترسل أنت إلي يا رسول الله من يأخذ هذه الزكاة ".
وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد بعث الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده في الوقت المناسب فبعد أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق، خاف، خاف أن يقتلوه، وأن تكون غدرةٌ منهم. فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " يا رسول الله إن الحارث منعني من الزكاة وأراد قتلي ". عندئذٍ النبي عليه الصلاة والسلام تريَّث، وفي روايات أرسل سيدنا خالد بن الوليد ليتحقق، وسيدنا خالد بَثَّ عيونه في القوم فرآهم يؤَذِّنون ويصلون ورآهم بأحسن حال، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فلما ذهب هؤلاء الذين بعثهم النبي لقوا الحارث في طريقه إلى النبي، فقالوا: " هذا الحارث " فلما غشيهم قال لهم: " إلى من بعثتم ؟ قالوا: إليك، قال: ولِمَ ؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنَّك منعته الزكاة وأردت قتله، قال: لا والذي بعث محمداً بالحق، ما رأيته بَتَّةً ولا أتاني "، فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " منعت الزكاة وأردت قتل رسولي ؟ " قال: " لا والذي بعثك بالحق ما رأيته بتةً ولا أتاني، وما أقبلتُ إلا حين احتبس علي رسولك، خشيت أن تكون كانت سخطةٌ من الله تعالى ورسوله علي". فنزلت هذه الآية الكريمة :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
إذا أمعنا النظر فيما يجري على الساحة الاردنية وما يتم تناوله عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي سوآء الاردنية او العربية، نجد ان الفاسقين كثر، وهم غرباء عن عاداتنا و تقاليدنا و ديننا ، والشعب الاردني معروف بمصداقيته وشفافيته وخلقه الكريم وضميره الحي وانتمائية ووطنيته وولائه لقيادته. وإذا أمعنا النظر بكل هؤلاء الفاسقين الذين يتم احياناً دخولهم علينا " تهريب " من خارج الحدود او يدخلوا علينا عبر وسائل التواصل الاجتماعي بلباس مزيف يلصق بأشخاص والقاب وعناوين اردنية، والاردن والاردنيون جميعاً منهم براء.
وبالتالي على الاردنيين نساءً ورجالاً، شيباً وشباباً ان يتنبهوا ويكونوا حريصين وعلى اعلى درجات الحيطة والحذر من هؤلاء الفاسقين والداخلين علينا عبر نوافذ وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام غير المسؤول والصيادين في الماء العكر والقادمين عبر رياح السموم من الغرب ومن الشرق ومن الشمال وعبر بورصات صفقات العصر الفارغة من الاكسجين والمملؤة بغاز ثاني اوكسيد الكربون . هؤلاء الفاسقين ليسوا بأردنيين ولا عرب ولا مسلمين ولا نصارى، انهم دخلاء، غرباء فاسقون ، انهم مسؤولون كبار، انهم تجار سياسة كبار، انهم رجال على مستوى قيادات دولية وعصابات دولية، انهم سماسرة العصر، انهم بلا ضمير ولا وجدان.
علينا التنبه لتغريداتهم لرسائلهم لأحاديثهم لشاشاتهم لقنواتهم الاذاعية والتلفزيونية الناطقة بكل اللغات وكل اللهجات. علينا الانتباه كل الانتباه، علينا تحصين جبهاتنا الداخلية، علينا تحصين جبهاتنا الاجتماعية، علينا تنبيه و تحصين مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا. علينا التنبه واليقظة لكل ما يقال من أحاديث هنا وهناك، وعلينا تنبيه وسائل اعلامنا وكتابنا وصحافيينا في الاردن وعالمنا العربي والاسلامي من كل هؤلاء الفاسقين.
علينا التأكيد لأشقائنا واصدقائنا في المجتمع الدولي ان الاردن بموقعة الجيوسياسية هو نقطة الارتكاز في قلب العالم العربي وفي الشرق الاوسط، وهو مستهدف سياسياً وامنياً واقتصادياً واجتماعياً، ولكنه قوي بقيادته وتلاحم شعبه حول قيادته، وان اي هزة لهذا البلد الصامد رغم كل المحن لا قدر الله فهي هزة لكل اركان الشرق الاوسط .
فالأردن عصي على كل الوشاة والفاسقين والماكرين ومن تؤول له نفسه باختلاق الدسائس والاكاذيب والاخبار المغرضة كمحاولة لزعزعة امنه واستقراره. فالأردن عصي على كل اولئك الفاسقين والماكرين واصحاب الشائعات المغرضة. ويمكون ويمكر الله والله خير الماكرين .